الأحد، 25 مايو 2008

((((الحلقة العاشرة))))

كنتُ قد توقفت عند تساؤلاتي عن الجودة ورحلتي في العمل في إدارة الجودة النوعية التي دامت خمس سنوات انتهت في أوائل 1420هــ وتحدثت عن تلك الرحلة المرحة وعن الأشخاص الذين رافقتهم الرحلة والتي كانت البداية لعملي بقسم الجودة النوعية. تقرر بعدها سفري إلى مدينة الرياض لتدريبي لمدة 3 أشهر بمستشفى الملك فهد للحرس الوطني, وقد أتت هذه الدورة بتنسيق بين سعادة مدير المستشفى وخبير الجودة بمستشفى الملك فهد للحرس الوطني بالرياض. وقد تلقيت ألتوجيهه المفاجئ الذي لم أكن أعرف عنة شيء من قبل سعادة مدير المستشفى حيث استدعاني وأخبرني بأنة قد حصل لي على موافقة عاجلة وبصفة شخصية للتدريب لمدة 3 أشهر وعلي الاستفادة القصوى من الدورة التي ستكون مركزة ومكثفة على أعمال الجودة ونظم العمل بذلك المستشفى والذي يعتبر حينها حاصل على الأيزو في برامج الجودة وهو من أوائل المستشفيات في المملكة التي طبقت الجودة مبكراً حيث تعتبرفرصة مؤاتية لنقل تلك النظم وتطبيقها مبدئيا في مستشفانا.
رغم تفاجئي بالعرض خاصة وأنني لم أكن أعرف ما هو البرنامج الذي سأتعلمه وكيف سأفعل في عوالم تخصص يختلف تماماً عن تخصصي وخبراتي بهذا المجال تكاد تكون معدومة والمفاجئة الأكبر أن البرنامج سيكون بالغة الإنجليزية كون جميع العاملين في هذا القسم في ذلك المستشفى من الجنسية الأمريكية والغربيين وأنا في اللغة الإنجليزية ( مشي حالك ) فاكتسابي للغة كان عن طريق الاحتكاك بجنسيتين لا ثالث لهما الهندية والفلبينية فاللغة الإنجليزية عند الهنود تأتي مهزوزة لأن الرأس يتحرك معها والإنجليزية الفلبينية فهي بدورها أيضاً مهزوزة حيث يصاحبها ميوعة واهتزاز جسدي. إذا أنا سأكون هذا أو ذاك ولو أنني أفضل الأول على الثاني وفي كِلا الحالتين أنا في مأزق لافكاك منة.
انتابتني حالة من الخوف والتردد أمام هذا العرض ولكني لم أظهر ذلك وقبلت العرض الذي يدخل ضمن حسابات التحدي التي أواجهها برباطة جأش مهما كانت النتائج, ولكني لم أنسى أن أوضح لسعادة مدير المستشفى أن يكون واقعياً في توقعاته حول الدور الذي سأقوم بة بعد عودتي وأن لا يفرط في التفاؤل في نجاح مهمتي في استيعاب كُل شيء في نظم الجودة خاصة وأنة يحتاج أناس متخصصين في هذا العلم وأنا ليس كذلك. قال لي اذهب على بركة الله ولكل حادث حديث أهم شيء أن تحرص على الاستفادة القصوى وهي تجربة جديدة أنا على ثقة أنها ستضيف الشيء الكثير لخبراتك وأياً كان حجم المكسب فلن تخسر شيء . خرجت وأنا أفكر في كُل شيء وقبل أسبوع على موعد السفر المفاجئ كُنت أصارع أمور كثيرة فوضعيالأسري غير مناسب فزوجتي على وشك الولادة برابع الأبناء ( وسيم )كانت زوجتي قلقة وتود وجودي إلى جوارها لم تفصح عن ذلك عندما أخبرتها بموعد سفري ولكني قرأته في عينيها فهي لم تعتد على أن أبقى بعيداً عنهم كُل هذه المدة والحقيقة أن كِلانا لا يطيق ذلك لأكثر من 8 ساعات هي فترة الدوام الرسمي وما عدا ذلك فنحن مع بعضنا البعض منذُ ارتبطنا . ولكن مع الأسف أن هذه الرحلة كانت بداية لرحلات داخلية وخارجية لم تتوقف حتى هذه اللحظة وكُلها إما دراسة أو مؤتمرات أو ورش عمل فقد اكتشفت بعد هذه الرحلة أن أي خسارة مادية لا توازي الاستفادة الذي يجنيها الشخص من الاحتكاك بالآخرين بشرط أن لا تخرج رحلاتك عن أهدافها فالعلم والمعرفة مطلب مُلح لن تحصل علية وأنت تعيش في دائرتك الضيقة بل لكي تحقق أحلامك فأنت تحتاج الكثير من التضحية.كل الظروف لم تكن على ما يرام فالأحوال المادية حينها أيضاً كانت صعبة بعض الشيء خاصة وأنني سأقيم وسأتنقل على حسابي الخاص لم أفصح عن ذلك فقد كنت أشعر بالخجل لمناقشة أمراً كهذا وقلتيفرجها الله .
وأنا أذكر هذه أذكر هذا الأمور التي تعيق تقدمنا ولو خطوة واحدة كما أعتب على وزارتنا الموقرة التي تقف مكتوفة الأيدي حيال توفير مثل هذه الاحتياجات المهمة لدفع عناصرها لتطوير أنفسهم وكُلنا يعرف الكليشة التي تختم بها وزارتنا الموقرة كل تعاميم برامج التعليم المستمر فهي لا تنسى في كُل مخاطباتها أن تضع شرطها التعجيزي لكل متقدم لأي برنامج والجملة المفيدة هي (( ولا تتحمل الوزارة
أي أعباء مادية تترتب على الالتحاق بهذا البرنامج)) جملة بسيطة يكتبها المسؤول بكُل أريحية وهو لايعلم أنها أحد أهم المعوقات التي تأد الحلم وتقتل الطموح . والعجيب بل(( وأعجب من العجب زات نفسه)) كما يقول أخواننا السودانيين. وأقول العجيب أن المديريات العامة للشؤون الصحية بالمناطق تقوم بإعادة المخصصات المالية للتدريب الأبتعاث إلى خزينة الدولة تعيدها بدافع التقشف والحرص بعد أن أعطتها الوزارة لهم عن طيب خاطر لتصرفها على أبنائها . أليس مثل هذا الفعل يدعوا للتعجب. من المسؤول عن هذا؟؟ لماذا يحدث هذا ؟؟ أتساءل ماذا سيكون شعور شخص حفي وهو يبحث عن فرصة للتعلم وتطوير نفسه ويقال له أن الأعتمادات المالية لا تسمح بينما يفاجئ بخبر مفاده أن إدارة التدريب قامت بإعادة المبالغ المرصودة إلى المالية في الوزارة دون أن تنفذ برانامجاً واحد ودون أن يستفيد عنصر واحد من تلك المبال . امور كثيرة لا أدري كيف يتعامل المسؤول معها عندما يرى الأموال تعود أدراجها دون الاستفادة منها؟؟ هل سأل لماذا عادت أدراجها ؟؟لماذا لم تصرف فيما خصصت له ؟؟ لماذا لم يستفيد منها ولا عنصر واحد من عناصر التخصصات الصحية وما أكثرهم؟؟ يبدوا لي أنة لا أحد يسأل ؟؟ أتمنى أن أعرف لو طرح هذا السؤال ماذا ستكون الإجابة علية ؟؟ كم أتمنى أن أعرف الإجابة وهل ستجد من يقتنع بها؟؟ ولكن مع الأسف لا سؤال ولا إجابة !!! الدولة تنفق بسخاء والمسؤول يصر على التقتير والحرمان للجميع بمنتهى البرود.
تذكرة سفر لحضور دورة أو ندوة أو ورشة عمل مستحيل ( النظام لا يسمح) ونفس النظام يسمح للمسؤول أو من يروق له من المقربين وأصحاب الحظوة بالذهاب إلى أي جزء في اليابسة على حساب الوزارة ما هذا التناقض؟؟ لماذا الموظف الغلبان يجبر على الذهاب إلى أي من تلك المناسبات ويسكن ويتنقل ويتحمل تلك الأعباء والتي قد يعجز راتبه المقطوع الذي نصفه مديونيات ونصفه الآخر بالكاد يكفي لمتطلبات الحياة اليومية . ومنا من على عاتقة أعباء مضافة قد تصل لأعالته ثلاث أسر إلى جوار أسرته فكيف سيستطيع أن يطور نفسه وهو هذا حالة هل يستجدي الناس أم يبقى إلى الأبد راضياً بهذا الحال يقف بينما الناس تسير وتترقى وهو مطالب من المسؤولين عنة أن يتطور ويشارك ويتهم أحيانناً بالتقصير . لماذا يحرم هذا الموظف الغلبان من كُل الفرص المتاحة للتعلم لهذه الأسباب . كُل طلباته تقابل بالرفض بينما البعض من أهل الحظوة والمكانة يتمتع بكُل الفرص مع إقامة فاخرة في أفخم الفنادق ويتجول في سيارة فارهه بسائق خاص وتذاكر سفر حكومية ومبالغ مالية يتقاضاها بعد عودته . من أوجد هذه الفروق الفردية والطبقية بين أفراد العمل الواحد ؟؟ من هزم الطموح لدى هؤلاء؟؟ من المسؤول عن هذا؟؟ من أعاق عجلة التقدم والرقي والتطور العلمي والعملي لدى الغالبية العظمى من هذه العناصر؟؟ من أجبر ممرض غلبان على التوقف والجمود المهني لأكثر من 20 عاماً لم يشارك أو يحضر أي مناسبة أو ملتقى علمي أياً كان موقعة ؟؟ من أوقف عقارب الساعة في حياة هؤلاء؟؟ أترك الإجابة لكم على هذه الأسئلة التي تندلع ( كفم ثعبان موسى علية السلام) لتلتهم الزيف الذي نعيشه في مجتمع يرفض أن يتقدم لأنة لا يريد ذلك!! هذه الأسئلة وغيرها تحتاج لإجابة عاجلة وأقول عاجلة لأن هذا الوضع أدى إلى نشوء جيل يتصارع بجهل مع بعضة البعض وتحول المشهد إلى صراعات ودسائس ومكائد ترفض التميز. الأغلبية تريد أن يبقى الجميع في مستوى واحد ومن يفكر بالتميز يعتبر متمرداً وشاذاً ويجب عقابه وحرمانه من فرصة الخروج من دائرة الكمد والجهل. مشهد مريع يعكس العقلية المريضة التي بُتنا نتعامل بها مع بعضنا البعض ما الذي أوجد هذه الأجواء المشحونة بين عناصر العمل الواحد. الرضاء الوظيفي شبة معدوم, انعدام التنافس الشريف,سخط دائم على أصحاب المناصب إما لأسباب شخصية أو لأسباب جوهرية بوجود الشخص الغير مناسب في المكان الغير مناسب , هذا يستحق وآخر لا يستحق , شخص عادي في مكان غير عادي وآخر يحمل كُل المقومات بينما يقصيه الصراع ليبقى على هامش المسيرة وذنبه الوحيد أنة يقف وحيداً في وجهه العاصفة لأنة حاول التمرد على القيد. خطأه القاتل أنة حاول إيقاظ أولائك المتناومين. أخطأ عندما حاول رفض أن يعيش بلا معنى لهذا أصبح خطراً يهدد وجود الآخرين المزيف.
مشاهد وصور تتراكم في مشهد الأيام التي لا ترحم الضعيف وقد تقتل الشجاع لأنة يصارع أمواجهاوحيداً.
أكتفي بهذا القدر من وجع الأسئلة الحائرة ولعل الأيام حُبلى بالأجوبة التي قد تأتي وقد لا تأتي؟؟
أعود لأكمل قصة سفري الأولى إلى الرياض مقر الدورة الأولى لي في علم الجودة. فبرغم كُل الظروف التي واجهتها أنا ذاك ذهبت وتحملت تكاليف السفر والإقامة والتنقل ولم أندم على فعل ذلك ولا زلت أفعل ذلك ولن أتوقف مهما كلفني ذلك وأنصح الزملاء بفعل ذلك وسيرى بنفسه المكاسب التي ستغير مجرى حياته العملية وحتى على المستوى الشخصي سيلمس الفرق بين ماضية الجامد وحاضرة المشرق .ثلاثة أشهر بعيداً عن أسرتي وكلانا تحمل وعانى فزوجتي وضعت حملها بسلام ولم أتمكن من أناصدح في أذنيه (بالأذان والإقامة) أحداث كثيرة حدثت خلال تلك الفترة الزمنية القصيرة التي أسست لمرحلة جديدة في حياتي العملية . ماالذي جنيته من تلك الدورة ؟؟ كيف تعاملوا معي ؟؟ كم يا تُرى قمتُ بهز رأسي على معلومة لم أفهمها
قيلت لي بلغة جدتي الأمريكية التي هاجرت من أمريكا مبكراً فلم أرث لغتها رحم الله جدتي الأمريكية التي لو علمت أنني لن أجد خبيراً واحداً في الجودة يتحدث اللغة العربية لكانت تمسكت بأصولها
الأمريكية لكي يأتي حفيدها الذي هو أنا ضليعاً في لغة أبائها وأجدادها فأنا أتحدر من سلالة أمريكيةنقية والعياذ بالله .
أفيدوني مأجورين كيف لشخص يعيش منذُ نشأته يتحدث اللغة العربية باللهجة العامية وكل دراسته
باللغة العربية المكسرة وحالة في العربية حالة في الإنجليزية أفيدوني كيف له أن يجيد على كبر لغة قوم لم يتسنى له أن يحتك معهم إلا وهو على مشارف الثلاثين من العمر لكم أن تتخيلوا بعد هذه المقدمة حالي في تلك الدورة التي يتحدث الأغلبية لغة الشارع ( الديترويتي الأمريكي الصِرف) ثم لكم أن تتعرفوا على الإجابة عن هذا السؤال المحرج في الحلقة القادمة بإذن الله وليعذرني أحبابي هُنا إن تأخرت في بعض الأحيان ويشهد الله أنني لم أعد أجد الرغبة في مواصلة هذه الحلقات لأسباب شخصية ولكني أجدني ملزماً بالمواصلة إكراماً لمن أعتز بمتابعته لهذه السلسلة التي قد لا ترقى لمستوى ذائقة المتلقي فأنا أجد صعوبة بالغة في بعض الأحيان في تذكر بعض الأحداث كما أنني لدي
شعور ينتابني في بعض الأحيان أن سيرة ممرض بسيط لا تُغري أحد بالمتابعة هذا الشعور ينغص عليأحيانناً ويجعلني عاجز عن الكتابة في أحيان كثيرة ورغم كُل شيء فإذا في العمر بقية فللحديث بقية

ليست هناك تعليقات: