الجمعة، 27 يونيو 2008

وزارة الصحة في فصولها الثمانية


كتبت لمجلة الملتقى الصحي لشهر 11 لعام 2007 وقد أسعدتني ملاحضات سعادة وكيل الوزارة الدكتور / عبدالله الدريس الذي أشاد بالمقال كما أن أصداء المقال كانت إيجابية جداً بل أنني لم أكن أتوقعها

فإلى المقال


وزارة الصحة في فصولها الثمانية


أربع سنوات انتهت منذ تولي الدكتور / حمد المانع أعمال وزارة الصحة وأربع سنوات أخرى بدأت بعد ما أتى خلفاً للدكتور / الشبكشي الذي أيضاً قضى فترتين امتدت على مدار ثماني سنوات والدكتور الشبكشي غادر ليس لأنه فشل في إدارته بل أن نظام الحكومة يقضي برحيل الوزير بعد فترتين وهذا يؤكد كفاءة الوزير السابق ولم يكن محظوظاً لأنه أتى في زمن كانت الموارد المالية لا تساعد أي وزير على النجاح مهما كانت قدراته حيث كان المطلوب من جميع الوزراء الترشيد ثم الترشيد حيث كانت السياسة تقضي بذلك ورغم كل شيء إلا أن الوزير قاتل ببسالة من أجل نجاح وزارته التي تقدم الخدمات المجانية للعموم دون استثناء لمدة ثماني سنوات قاسية مرت على الوزير ووزارته أحسبها كذلك إذا ما قمنا بالمقارنة بين موازنة الوزارة في تلك السنوات وبين الآن , الوزير السابق وجد نفسه بين كماشتين الأولى ورث وزارة مثقلة بالديون لشركات الأدوية وشركات التشغيل الطبي وشركات المعدات الطبية التي لا تزال تطالب بمستحقات ومديونيات متراكمة من السنوات السابقة وهنا وجد نفسه في مأزق إما تسديد هذه الديون المستحقة وذهاب موازنة المستقبل للماضي أو الرفض وعندها ستتوقف الشركات عن العمل والتعامل مع الوزارة وعندها ستواجه الوزارة كارثة في توقف كامل لعمل منشآتها

وهنا ظهرت قدرات هذا الرجل في كيفية التعامل مع واقع يفي الفشل قبل أن يبدأ , لا أدري حقيقة كيف تعامل مع الوضع ولكني أعتقد ومن خلال التراجع الذي شهدته خدمات المنشآت الصحية في عموم مناطق المملكة يفسر المأزق الذي مرت بة الوزارة حيث في اعتقادي الشخصي أنة عقد صفقة مؤلمة مع تلك الشركات التي تمارس الأسلوب السلطوي من خلال الاحتكار لم يكن للوزارة أي بدائل للتعامل مع شركات أخرى لأنها غير متوفرة , إذاً لابد من حل للوصول لتسوية ومن أجل ذلك لابد من حلين لا ثالث لهما , الأول أن تقوم الوزارة بجدولة المديونيات السابقة كأعباء مضافة إلى ميزانية الوزارة لتلك السنة هذا كحل أول أما الحل الثاني هو تسديد كامل المستحقات والذي سيلتهم الموازنة والدخول في مديونيات جديدة هذا إذا قبلت الشركات بطيب خاطر وهذا سيجعل الوزارة ترضخ تحت رحمة هذه الشركات فحياة الوزارة في يدها , وهنا أنا لا أدري أي الطريقين سلك معالي الوزير ولكن كل المؤشرات كانت ترسم طريق مظلم تسير فيه الوزارة التي واجهت أيام صعبة ورغم كل شيء وحتى نكون منصفين فقد نجحت الوزارة بأعجوبة في استعادة توازنها التي كادت أن تفقده لأسباب خارجة عن إرادتها , هنا خرج الوزير ليحكي بعض فصول المأساة عبر الإعلام المرئي والمقروء , كان شجاعاً في طرح قضاياه التي تأبى ظروف كثيرة حلها وقد نجح في تهدئة الرأي العام الذي كان يهاجم وزارته بشراسة وصمد في وجهها بأسلوب إداري ناجح من خلال تحديث أنظمة الوزارة حيث استحدثت في عهده اقتصاديات

الصحة التي كلفت بتحديث أنظمة الوزارة ومن ثم المنشآت الصحية كما عمدت الوزارة إلى سياسة التركيز على الموجود وتطويره مع التوقف التام عن أي مشاريع صحية من شأنها إضافة أعباء توقف أي توسع أفقي أو رأسي , أوقفت إستحداث وظائف ماعدا العناصر السعودية التي رغم الأزمة لم يكن ضررها بالغاً حيث كانت جميع المنشآت الصحية تستقبل العديد من الخريجين الجدد من جميع الفئات الصحية وهذا كان أمراً مستغرباً ولكن يعطي مؤشر إيجابي بسياسة الوزارة الحكيمة في الترشيد الذي لم يطال توظيف العنصر السعودي .
الأيام والشهور والسنوات تمر ويأتي تشكيل وزاري جديد البعض لم يتفهم ما واجهه الوزير من مشكلات ولذلك فهم يأملون رحيل الوزير , لم ترحم بعض الأقلام ما قدمه الوزير من تضحيات ولكن ولاة الأمور الأقدر على تقديرها فمنحوه أربع سنوات أخرى , لم يكن هذا الوزير محظوظاً أبداً , الذي لا أشك أنه كان يتمنى الخروج من هذه الوزارة بأقل الخسائر ولكن لم تتحقق له تلك الأمنية لأنه كان الأقدر والأجدر في نظر ولاة الأمر , السنة الأولى مرت من التجديد الجديد ولا جديد , استمرت نفس السياسة مع تحسن بسيط في الموازنة حيث أستطاع الحصول على مضاعفة المخصصات المالية

لتلك السنة وبدأ يخطط لمشاريع جديدة ولكن حظه العاثر لم يمهله فقد ظهر مرض غامض في منطقة جازان فتك بالناس سرعان ما قلب موازين الوزارة وأوقف خططها وأشتغل الجميع بفك طلاسم هذا المرض الغامض الذي احتاجت معه
الوزارة بتحويل مزيد من المخصصات المالية لمواجهة المرض وتم اكتشاف المرض والذي أمر ولاة الأمر بتسخير كل إمكانات في الوزارة لإنهاء معاناة مواطني منطقة جازان والقضاء على هذا المرض الخطير , المشكلة أن هذا المرض حتى وإن استطاعت الوزارة القضاء عليه يظل كامناً ويمكن أن يظهر في أي وقت ولذلك كان لزاماً على الوزارة وضع الخطط المناسبة طويلة الأجل لتضمن استمرارية نجاحها الذي حققته بجهود مضنية وبالطبع هذا التأهب الدائم لمواجهة أخطار هذا المرض ومنع ظهوره مجدداً يحتاج إلى إعتمادات مالية إضافية لم تكن في الحسبان وإلى هذه اللحظة مازالت وزارة الصحة تدرس كل المؤشرات للتأكد من عدم عودته رغم أنها أعلنت رسمياً أنه تم القضاء عليه نهائياً ولكن الواقع العلمي يجعلها لا تبالغ في ثقتها بما يجعلها في مواجهة دائمة ستستمر لمدة لسنوات قادمة .
المهم أن معالي الوزير السابق واجه كل هذه الأحداث بالصبر والعمل الجاد ولم تتوقف رحلته المكوكية وزياراته الميدانية لجميع مناطق المملكة رغم معرفته أن الرحيل عن الوزارة بات وشيكاً لأن الفترة الثانية للتجديد باتت وشيكة وبناءاً على نظام الوزراء المعمول بة في المملكة فإن ثمان سنوات هي

أقصى مدة زمنية يشغلها أي وزير إلا إذا رأى ولاة الأمر غير ذلك حسب الظروف والمعطيات التي يقتضيها الوضع الصحي في البلد.
لم يكن الدكتور / الشبكشي ينظر إلى وقت الرحيل أو يحسب حساب الوقت المتبقي له في الوزارة لم يغير أي من أسلوب

تعامله مع منسوبي الوزارة وأستمر في تنفيذ كل ما كان قد خطط له ولم يتوقف أو يتراجع أداء وزارته ولم يفعل كما يفعل بعض المسئولين عندما يعرفون برحيلهم حيث يتغير أسلوبهم الإداري في التعامل مع الأحداث وتظهر في لحظاتهم الأخيرة قرارات اللحظات الأخيرة حيث تتغير قناعاتهم في بعض الأمور لأسباب غير معروفة .
الدكتور / الشبكشي لم يكن من هذا النوع من المسئولين البتة بل بالعكس كان في أيامه الأخيرة أكثر صرامة وتواجد ولم يشعر أحد أن هناك أي تغير على سلوكه الإداري أبداً وقد يقول قائل من أنا لأقول هذا الكلام وأنا البعيد عن أروقة الوزارة وهنا أقول لهم أنني قد لاحظت ذلك من خلال اجتماعين تاريخيين عقدت في أواخر أيامه في الوزارة كان لي شرف حضورها بمستشفى الملك فهد المركزي بجازان وعرفت مدى حرصه وأسلوبه المقنع والمتشدد في نفس الوقت لحل بعض إشكاليات المنشآت الصحية بالمنطقة حيث لم يكن هناك أي تأثير لذلك بل كانت توجهات وطريقة حديثة تعطي انطباعا لوزير كأنة سيقيم أبد الدهر على كرسي الوزارة .
الخلاصة أن ما أستطيع قوله وفي تقديري الشخصي أن الدكتور الشبكشي كان من المفترض أن يستمر أربع سنوات أخرى لينهي ما بدأه خاصة وأنه تجاوز بالوزارة معظم محنتها وظروفها القاسية التي لم تسهم في بروز جهوده الشخصية التي بذلها أبان فترة عمله وزيراً للصحة , رحل الدكتور الشبكشي إلى خندق آخر من خنادق العمل لخدمة وطنه فسلام عليه أينما كان وأكاد أجزم أنه كان سعيداً بذلك أيما سعادة

وسلم ملف الوزارة لخلفه الدكتور / المانع وأتصور أن معاليه لم يستطع شرح كل التفاصيل للأحداث التي عصفت بالوزارة خلال ثماني سنوات وكأنه لم يكن يشأ أن ينكأ الجراح أو لأنة كان يعرف مقدرة الدكتور / المانع الكبيرة على معرفة أدق التفاصيل لعمل وزارته ولكن أكاد أجزم أنه لم يكن قد تبقى هناك الكثير من قضايا عالقة في ملفها حيث كان قد حقق أعظم إنجاز لها وهو التخلص من مديونيتها وهو الملف الذي أعاق حركتها طوال ثماني سنوات وأصبحت حرة بلا ضغوط ولذلك لم يعد أمام الوزير الجديد سوى الحفاظ على الإنجاز الأبرز خاصة وأن العودة لهذا الملف كانت شبه مستحيلة لان الوزارة يفترض أن تكون قد تعلمت من تلك التجارب القاسية ربما إلى الأبد كما أن الوضع الاقتصادي للبلد شهد طفرة مالية جديدة لم تكن في الحسبان حيث وصل سعر البترول إلى أعلى مستوياته مع وفرة في الإنتاج وبالفعل بعد استلام الدكتور المانع من سلفه باشر مهامه ولم يكن الدكتور المانع مشهوراً لدى العامة ولذلك لم يكن أحد يستطيع أن يتنبأ بالأسلوب الذي سينتهجه هذا الوزير لمستقبل الوزارة عدا بعض الكتاب الذين كتبوا على استحياء عن شخصية الرجل وتوقعاتهم التي تكون لم تكن دقيقة إلى حد بعيد بعد أن بدأ في طرح فلسفة جديدة تعتمد على التفويض المطلق لبعض مساعديه مع إعطاء صلاحيات أكبر لمدراء العموم بالمناطق في خطوة إيجابية للتخلص من المركزية في القرارات وهي خطوة تعتبر الأبرز في عهدة مع إجراء بعض التغيرات في الوجوه والتي يرى أنها باستطاعتها تفهم أسلوبه وكالعادة لجميع الوزراء فهناك

أسماء يتم استقطابها بناءاً على معرفة سابقة أياً كان نوع المعرفة حيث إلى الآن وللأسف أن جميع الوزارات ليس لديها معايير لاختيار الأشخاص المناسبين لتولي المناصب ولهذا تأتي معظم قرارات الوزراء الجدد مبنية على خبرات وانطباعات شخصية ليس إلا , ولذلك يضيع الوقت لدى بعض الوزراء في اختيار الأشخاص المناسبين وتتبدد الجهود وتبقى كل الاختيارات رهن التقييم وربما التغيير مرة أخرى وهذه المعضلة يحب أن تتخلص منها كُل وزاراتنا الموقرة لأنها أحد أهم المعوقات حيث تفشل في أحيان كثيرة معظم الاختيارات ولهذا يجب وضع معايير ومقاييس لاختيار الشخص المناسب ووضعه في المكان المناسب الذي يتوافق مع قدراته وإمكاناته المبنية على الخبرات التي تأتي ضمن الطرق المتعارف عليها وليس بناءاً على قرارات ارتجالية .
الدكتور / المانع كأي وزير آخر لابد له أن يقرأ كل الملفات وهذا يحتاج إلى مزيد من الوقت خاصة وأنة شخص قادم من خارج أروقة الوزارة وهذا هو أكبر تحدي يواجهه أي وزير مع الأسف ففي 50% من وزاراتنا هو تبادل مواقع فالحج أصبح للإعلام وحقوق الإنسان ذهب وزارة التربية وأما 50 % الأخرى فهم غالباً يأتون من خارج أروقة وزاراتهم ويتفاجؤون بأن الحمل كبير ويحتاج إلى وقت كبير ليتأقلم أولاً مع بروتوكولات التعامل مع المنصب وهي أمور تحتاج إلى إعداد مسبق , كما أقترح معالي وزير العمل الدكتور / القصيبي وهو العارف بأدق تفاصيل العمل الوزاري المعقد الذي يحتاج إلى جهد وإمكانيات غير اعتيادية لضمان النجاح

ولذلك لم أقرأ منذ أن عرفت نفسي في مطبوعة إعلامية أن وزيراً أستطاع تحقيق نجاحاً باهراً يمكن الإشارة إليه بالبنان حتى لو كان ناجحاً بكُل المقاييس وغالباً ما يتعرض بعض الوزراء إلى انتقادات لاذعة خلال فترة عمله وأنا أعتبر ذلك ظاهرة غريبة تستحق الدراسة والتحليل والمشكلة أننا لم نرى أيضاً أي وزير يعترف بالإخفاق أبداً حيث لم يتقدم أحد باستقالته قبل انقضاء مدة التكليف كاملة مهما كانت الظروف ولا أذكر حادثة واحدة من هذا النوع منذ أن وعيت وعرفت مجلس وزرائنا عدا حالة استثنائية كانت أسبابها غير معروفة والتي تقدم فيها الدكتور / القصيبي بالاستقالة من وزارة الصحة رغم ما حققه من نجاحات في فترة وجيزة حيث ساهمت شهرته الطاغية والضجة الإعلامية التي تزامنت مع توليه الوزارة آنا ذاك ولا تزال إستقالتة أمراً غامضاً إلى هذه اللحظة على الأقل بالنسبة لي ولشريحة كبيرة من المجتمع رغم أنه حاول التطرق إلى ذلك في كتابة حياة في الإدارة بشيء من التحفظ وفي رأيي أن القصيبي هو الشخصية الأكثر جدلاً كونه مدرسة من الصعب أن تتكرر فلم يكن من الممكن إقصاءه إلى الأبد فهو أحد المواطنين المخلصين ولذلك عاد للواجهة من جديد وكلما تولى وزارة أحدث فيها نقلة نوعية في أدائها وغالباً ما يتولى وزارات قد دخلت غيبوبة فيعيد لها الحياة ولكنه يظل في مرمى سهام المنتفعين واللصوص والدليل ما تواجهه اليوم وزاراته وزارة العمل من انتقادات تصل إلى الاتهام بأنه أحد أسباب تأخر التنمية في البلد والسبب الوحيد لهذه الحرب التي غالباً ما يشنها عليه أيادي تنهب مقدرات البلد وتمارس تجارة الرقيق بصفتها العصرية من

خلال تجارة العمالة الوافدة التي تعيث في الأرض فساداً ولا أدري هل سيستمر القصيبي الذي يبدو لي أنه لم يستفاد من إمكاناته الكبيرة إلى الآن كونه لم يُعطى كامل الحرية في تطبيق ما يراه صحيحاً في مجتمع أعتبره عدائي يحارب أي تغيير أو تجديد وكم أتمنى أن يستفاد من هذا الرجل فلم يعد في عمره أكثر مما ذهب مع دعائي له بطولة العمر .
أعود إلى موضوع وزارتنا وزارة الصحة المدرسة التي يتلذذ أصحاب القلم من الكتاب والصحفيين في انتقادها والمبالغة في ذلك فهي في نضرهم الوزارة التي عجز جهابذة الدرس والتحليل معرفة سر إخفاقها ولا يمكن لمثلي أن يفسر هذا الإخفاق الذي تحققه في كل دورة بتقدير ممتاز في نظر الجميع حتى أن البعض ذهب إلى القول أنها تحتاج إلى 100 عام أخرى لحل مشاكلها المزمنة ومن وجهة نظري أن هذه التوقعات غير منطقية ومبالغ فيها لأنها مجرد انطباعات شخصية وبعيداً عن المبالغة والتوقعات المغلوطة من قبل بعض الكُتاب فأنا أقول أن وزارتنا اليوم تسير بخٌطى ثابتة نحو تحقيق ما يأمله المواطن وهي تعمل حالياً على التخلص من العمل وفق الأجتهادات الشخصية وقد أصبحت تخطط وقامت بوضع برنامج تطبيق لمعايير الجودة الشاملة ولكن العقبات لا زالت كثيره وأملنا أن يحقق الوزير في دورتة الثانية ما فاتة في الدورة الأولى ومن أهم المعوقات أن أنظمة العمل في منشآتها غير موحدة فعلي سبيل المثال التشغيل الطبي فيها ينقسم إلى تشغيل شامل وتشغيل كامل طبي وتشغيل ذاتي وتشغيل جزئي وعقود تشغيل من الباطن ومن الداخل وتشغيل طلب مباشر يتبع لملاكها وهكذا لكل تشغيل نظام خاص بة ويحتاج إلى مزيد من الجهد والكوادر لضبط العمل بة وهنا تتشتت الوزارة وتكثر الأخطاء والفساد ويصعب التحكم في هذا التعدد لأنظمتها وأعتقد أنها بصدد توحيد أنضمتها ومن أكبر المشاكل أن وزارتنا مشغولة دائماً بما يكتب في الإعلام من غير المتخصصين من الأقلام التي تكتب في كل شيء وتخلط

الحابل بالنابل ورغم معرفة الوزارة بأن ما يكتب ما هو إلا انطباعات شخصية إلا أنها تتجاوب معة بشكل لافت ويشغلها عن كثير من الأمور الأكثر أهمية ولم يعد الأمر مقتصراً على الصحافة بل وزارتنا أصبحت أول وزارة تناقش قضاياها عبر التلفزيون الرسمي وهذة كانت قاصمة الظهر ويعتقد الأعلام أنه بذالك يسهم في تطوير العمل بينما هو يساهم في هدم جسور الثقة التي تسعى الوزارة لبنائها.
ولكي تتمكن الوزارة من عمل مصالحة دائمة مع الأعلام والمواطن عليها حل هذة الملفات الساخنة وأهمها على الإطلاق: -
1 – ملف العجز في الكوادر الطبية :
• فالمنشآت الصحية الكبيرة لازالت تعاني من غياب الاستشاري في التخصصات النادرة مثل العناية المركزة.
• أيضا الأخصائيين كذلك عددهم قليل مقارنة بحجم العمل.
• الأطباء العموم عددهم قليل مع تدني مستوى الأداء العملي والعلمي مع اعتمادهم على العنصر الأجنبي بشكل ملفت.
• كذلك العنصر النسائي من الطبيبات رغم الحاجة الملحة لازال هناك شح رغم كل المطالبات المستمرة بتوفيرهن.


• كوادر التمريض عجز كبير كماً وكيفاً .
• كوادر المختبر والصيدلية والأشعة لازال هناك عجز كبير كما وكيفاً .
• المناصب الإدارية لازال يشغلها 70% من العناصر الفنية التي تعاني منشآتها من شح أعدادهم لأنهم تركوا مجال عملهم وانتقلوا للوظائف الإدارية .
2 – الأخطاء الطبية المتكررة وهو الملف الأكثر سخونة وهو نتيجة لما سبق ذكره .
3 – المنشآت المدمرة بسبب الإهمال في الصيانة الدورية والتي أصبحت بحاجة إلى ترميم كامل نتيجة ما عانته من إهمال وعدم متابعة وتلاعب الشركات المشغلة خلال السنوات الماضية عندما كان هُناك شح في الموارد مع غياب للمتابعة والرقابة .
4 – شبكات الكمبيوتر والتي توقفت عن العمل لسنوات لحاجة إلى تجديد وصيانة وهو ملف مهم ومكلف في نفس الوقت ولكن الحاجة إليه ضرورية جداً .
5 – أحد أهم الملفات التي تحتاج أيضاً إلى مراجعة هو لماذا التوسع الأفقي والرأسي والمباني وضخ مبالغ طائلة على مشاريع كلها تولد معاقة بسبب عدم توفر العناصر البشرية التي تشغلها فهذا التوسع يؤدي تدريجياً إلى ضعف الأداء حيث لا يتم إستحداث وظائف لها حيث تقف وزارة الخدمة المدنية في وجهه إستحداث الوظائف ووزارة الصحة في يدها البناء ولكن لا يمكنها توفير وظائف وهذه مفارقة عجيبة كيف تغيب عن ذهن وزارة الصحة الاحتياج الفعلي لكل منشأة مستحدثة من العناصر البشرية باختلاف تخصصاتهم مع البلدان المتقدمة

وعلى سبيل المثال اليابان تطبق إيجاد العنصر البشري أولاً وتعده الإعداد الجيد ثم تقوم ببناء مشروعها الصحي وهذا ما تعرفت عليه هناك عندما درست علم الإدارة الحديث حيث لفت انتباهي أنهم يرفضوا أي توسع دون توفر العنصر البشري الكافي وهي إستراتيجية مهمة وأذكر مثال لتوضيح هذه النقطة حيث عندما عملت في أحد المستشفيات في اليابان حضرت احد الاجتماعات الذي عقدته إدارة المستشفى لمناقشة زيادة عدد سريرين للعناية المركزة وكان أهم سؤال طرح كم عدد الكوادر التي تحتاج السريرين قبل كل شيء من أطباء وتمريض حيث قرروا في نهاية الاجتماع عدم الاستحداث إلا بعد توفرهم وتدريبهم حيث يبدأ إضافة السريرين بعد وجودهم بثلاثة أشهر , إذا هذا ما لا يحدث عندنا نهائياً وهذا هو سبب تدني مستوى أدائنا فنحن نتقدم في البناء والتشييد ونتراجع في العناصر البشرية كما وكيفاً .
ولكل ما تقدم لم تعُد في رأيي دورتين وزاريتين كافية لأي وزير لحل كُل المشاكل التي تواجه وزارته وحبذا لو أضيفت فصولاً أربعة جديدة لفصولها الثمانية الحالية .

ففي عهد معالي الوزير المانع تم وضع حجر الأساس لأكثر من مدينة طبية وأكثر من مستشفى مع التوسع في عدد الأسرة في بعض المستشفيات مع وضع حجر الأساس لأكثر من 2000 مركز صحي كمشاريع حيوية مهمة ينتظرها المواطن ولكن لم نقرأ أبداً أي تصريح لوزارة الخدمة المدنية كم أستحدث من وظائف لتشغيل هذه المنشآت ومواجهة هذا التوسع وأمام هذا الصمت والتأخر في إيجاد وزارة الخدمة المدنية لهذه الوظائف أصبح الطبيب الذي كان يشرف على 10 مرضى يشرف الآن على 20
والممرض الذي كان يقوم برعاية 5 مرضى أصبح يقوم برعاية 10 مرضى
وفني المختبر الذي كان يفحص 100 عينة أصبح يفحص 200
إذا ماذا ننتظر من وزارة الصحة أن تفعل منفردة والتي مطالبة بالتوسع وليس في يدها إيجاد وظائف غير المزيد من الأخطاء الطبية ومزيد من الانتقادات ومزيد من الفشل .
وزارة الصحة إذا بقيت في وجهه العاصفة منفردة دون مساندة من الإعلام والمجتمع وباقي الوزارات فلن ينجح فيها كائناً من كان ومسألة تغيير الوزير أو إستمراره لا تعني الشيء الكثير بقدر ما هي حالة من التأثير النفسي والتخدير الموضعي الذي سرعان ما ينتهي وتعود الوزارة بمن فيها إلى دائرة الانتقاد والاتهام وأعرف أنني لست أول من كتب وطالب بمثل هذه المطالب ولكن تنتاب أي وزير حالة من التوهان يصبح معها أسيراً للأسلوب الإداري السائد في معظم قطاعاتنا الحيوية هو الإدارة بالمشاكل حيث عندما تظهر مشكلة يحاول المسئول حلها حلاً مؤقتاً ولم أرى في حياتي حلاً جذرياً لأي مشكلة تعانيها منشآتنا الصحية حيث أسلوب الترقيع والمداراة هو السائد ويبدو أنه ليس بالإمكان أكثر مما كان ومجبراً أخاك لا بطل وكل من لاقيت يشكو دهره ليت شعري هذه الدنيا لمن....
يقي أن أذكر الأشياء التي لم تستغلها الوزارة الاستغلال الأمثل على الأقل إلى الآن وربما أن وزير الصحة يفكر في ذلك ولكني أرى أن ذكرها مهماً وفي رأيي أنه لازال هناك متسع من الوقت لتحقيق ذلك من خلال التخطيط الإستراتيجي الذي يجب أن يوكل إلى خبراء في التخطيط الإستراتيجي بالتعاون مع مستشارين في الجودة النوعية في المجال الصحي تعمل باستقلالية تامة ويؤخذ بكل اقتراحاتهم وتمنح الدعم الكامل لوضع كل خططهم موضع التنفيذ .
إذا ما هي الأشياء التي كفيلة بنجاح الوزارة بإذن الله ؟


1 – الموازنة كانت كبيرة وكفيلة بتحقيق المأمول حيث أصبحت 4 أضعاف الموازنات التي سبقت تولي معالي وزير الصحة المانع ولكنها ذهبت للإنشاء والتطوير .
2 – العلاج بأجر المطبق على المقيمين لم يكن قائماً إلا في عهد معالي الوزير المانع وهي إحدى حسنات وزارته ولم تستغل الاستغلال الأمثل إلى الآن لتطوير المنشأة وتعمل دون أنظمة دقيقة وبعض المنشآت لها اجتهاداتها الشخصية بهذا الشأن والذي قد يحدث فيه بعض التجاوزات أو التقتير وفي كُل الأحوال فهذا النظام بحاجة لمزيد من المرونة مع فرض رقابة رقابه في حال غابت الرقابة الذاتية التي تحكم بعض الأفراد .
3 – التأمين الصحي لمنشآت القطاع الخاص لأكثر من 50 عامل وهي خطوة أيضا تعتبر من حسنات عهد الدكتور/ المانع ولكن دون نظام واضح ودقيق لحساب التكلفة مما يجعل معظم المنشآت في القطاع الخاص تتعاقد لعمالها مع المنشآت الصحية الخاصة والتي عرفت كيف تنافس الخدمات الصحية الحكومية وتسحب البساط من تحتها حتى أن معظم متلقي الخدمة من المنشآت الحكومية يهرب إلى القطاع الخاص لتلقي العلاج رغم ما تتكبده من خسائر وهنا نستطيع أن نقول أن القطاع الصحي الحكومي يفقد ثقة المجتمع تدريجياً رغم الإمكانات الهائلة الكفيلة بتطويره .
4- إستحداث المراكز الاستشارية التي يعمل بها الاستشاريين السعوديين في القطاع الحكومي والقطاع الخاص ولذلك فهي تتراجع رغم إمكانية تطويرها وجعلها منافساً قوياً في حال طورت أدائها من خلال الاستفادة من دخل هذه المراكز

والعلاج بأجر وصرفه في استقطاب مزيد من العناصر البشرية لسد العجز , كل هذه الأمور التي ذكرت كفيلة بحل الكثير من المشاكل العالقة حالياً.
وهناك سؤال يطرح نفسه لماذا نجح القطاع الخاص في خدماته الصحية ولماذا يجني أرباح طائلة بينما موازنته التي ينفقها هي 1 إلى 10 من قيمة ما تنفقه الوزارة على خدماتها الصحية وفي ذات التساؤل إجابة لأن لقطاع الخاص عرف أسباب الضعف في القطاع الحكومي المتمثلة في ضعف أداء العنصر البشري لدى القطاع الحكومي مع غياب الرقابة والتخطيط البشري ولذلك في حال أستمر هذا الوضع فإن التخصيص هو الحل الوحيد رغم علله وتولي الحكومة الإنفاق على التأمين الصحي للمواطن وهو الطريق الذي سلكته الدول المتقدمة بعد فشل أنظمتها الصحية وهذه الخطوة مكلفة في بادئ الأمر ولكن الكلفة تتضاءل مع الوقت واكتمال الأنظمة الخاصة بينما هي في ازدياد واحتياج متزايدة في حال أستمر النظام المعمول بة حالياً ويبقى المواطن يقف في طابور طويل ينتظر الفرج في تلقي رعاية صحية ربما يكون في أمس الحاجة لها بشكل لا يقبل الانتظار فالأسرة مشغولة والأوبئة تنتشر والعدوى تتفاقم والحوادث المسببة للإعاقة مستمرة في مسلسل درامي عجزت المنشآت الصحية في مواجهته والرعاية الصحية الأولية هي في آخر اهتمامات الوزارة وتشكو قلة حيلتها والمستشفيات التخصصية ضاقت ذرعاً بالكم الهائل من التحويلات ويوماً بعد يوم سيتقاتل الناس من أجل


سرير الذي أصبح بدوره كمقاعد الدراسة الجامعية لا يمكن الحصول عليه إلا بواسطة وهكذا نسير كلنا بسبب أنظمتنا إلى صراعات واتهامات تواجهه الحكومة التي تنفق بسخاء دون أن ترى إنجازاً لكل هذه الجهود التي تذهب سدى وفي كل عام هي مطالبة بالمزيد من الدعم لمشاريع تولد معاقة وتموت ببطء فإلى أين نحن ذاهبون أيها السادة ؟!!
كم أتمنى أن أعرف ماذا سيحدث بعد 10 سنوات لخدماتنا الصحية إذا استمرت على هذا الحال وكم يا ترى سنحتاج من المنشآت والمباني الخراسانية والأجهزة الطبية والأسرة لمواجهة هذا الانفجار السكاني الذي لم يناقشه أحد إلى الآن ولا أحد يدري ماذا سيكون حال الناس بعد 10 سنوات كم أتمنى أن يمتد بي وبمن يقرأ حروفي العمر لنرى ماذا سيحدث ولكن كم سنكون بحاجة إلى سرير شاغرة لأننا سنكون قد وصلنا إلى أرذل العُمر.
وكم أرجو أن تسعى الوزارة قبل هذا وذاك إلى اتخاذ بعض الخطوات الهامة التي تضمن استمرارية عملها دون أن تتعرض إلى لوي ذراعها مرة أخرى في مستقبل الوقت إذا سعت فعلاً لحل كل ما تقدم من معضلات فهي بحاجة ماسة إلى : -
1 – إنشاء شركة مساهمة لصناعة الأدوية والمستلزمات الطبية بمواصفات عالمية وذات جودة عالية على أن تكون هذه الشركة المساهمة بالمناصفة بينها وبين المواطن باستثمار طويل الأجل وهي بذلك ستحافظ على الموارد المالية التي تضعها في خزانة القطاع الخاص وتعيد تدويرها مع ذهاب جزء من موارد الشركة للمساهمين مثلها مثل أي شركة مساهمة تعمل في السوق .
2 – إستحداث نظام التقاعد المبكر للتخلص من الكوادر الغير مستحبة والتي أصبحت تمثل عبء على الوزارة مع محدودية إنتاجها مع وضع خطة موازنة لتأهيل كوادر فنية وإدارية بديلة بتأهيل عالي ضمن خطط دقيقة مع ضخ موازنة كافية لتدريب عناصرها البشرية التي تحتاج إلى تأهيل وذلك من خلال مراكز تدريب وتأهيل متطورة في كل منطقة مدعمة بعناصر أجنبية من الدول المتقدمة وإيقاف الإبتعاث الخارجي المكلف وضخ المبالغ التي تصرف على الإبتعاث الخارجي في فتح جامعات داخلية تخرج على الأقل الكوادر الفنية والتمريض بدرجة البكالوريوس لسد العجز الذي تعانيه منشآتها بالتعاون مع جامعات عالمية عالية التأهيل لضمان جودة كفاءة الخريج الذي سيتمكن من إحتلال مكان العنصر الأجنبي الذي ستبقى الوزارة بحاجة ماسة لوجوده طالما بقي مستوى العنصر السعودي دون البكالوريوس فخريج المعاهد والكليات الصحية الحكومية والمعاهد الأهلية الذي لازال عاجز عن تحمل المسئولية منفرداً وسيبقى بهذا المستوى عبئاً مضافاً بلا جدوى إلا فيما ندر .
3 – على الوزارة تتولي أعمالها بنفسها وإلغاء شركات التشغيل الطبي الشامل والكامل وحتى الذاتي فهي ليست بحاجة لمزيد من الأعباء المضافة فيما يخص الرقابة والمتابعة وعليها تطوير أداء إداراتها ذاتياً دون الحاجة للاستعانة لشركات
هدفها الرئيسي المكسب المادي على حساب معاناة الخدمات المقدمة من خلالها للمنشآت الصحية الحكومية فهي تأكل نصف الكعكة ربما أن هذه الشركات أتت عندما كانت الوزارة بحاجة إلى الدفع الأجل فهي الآن لم تعد بحاجة له نهائياًَ وبإمكانها الاعتماد على نفسها من خلال تطوير إدارات الموارد البشرية وشئون الموظفين فيها إدارات الشئون الصحية بالمناطق وهو أمر ليس صعباً فهي أصلاً إدارات قائمة كل ما تحتاجه شيء من الدعم والتطوير للعنصر البشري لا أكثر ولا أقل .

وختاماً نسأل الله أن يوفق الوزير لكُل مايحب ويرضى


والله من وراء القصد