الجمعة، 4 يوليو 2008

مدراء التمريض من ينقذهم من لوثة المنصب : الحلقة الثالثة بعد العاشرة


كان أول دخول لي إلى تلك الغرفة التي يجلس فيها الجميع مجتمعين اجتماعهم الصباحي لسماع تقرير المساء والسهر من مشرفة التمريض بينما يناقش على هامش الاجتماع الصباحي كُل المستجدات لم أكن حينها أعرف ما كان يدور قبل قدومي إليهم ولكني كُنتُ أفترض أن هذا ما يجري أو ما يجب أن يجري .
دخلت وأنا لا أدري ماذا سأقول لهم في يوم عملي الأول أحدهم نصحني بترك الأمور على طبيعتها وأن أكتفي بمراقبة الوضع وأن أتعرف على الطريقة التي تجري بها الأمور دون تعليق ثم بإمكاني فيما بعد من الأيام التي تليها بإمكاني أن أخبرهم بملاحظاتي والسياسة التي أريد أن يسيروا عليها كانت نصيحة لا بأس بها من صديق مارس الإدارة سنوات وسنوات ولكني مع الأسف لم أتذكرها إلا بعد انتهاء الاجتماع فماذا فعلت وبأي الأفكار اهتديت هذا ما ستعرفونه في هذه الحلقة.
كان الباب موصدا وأصوات نقاشاتهم وتنكيتهم وضحكاتهم يسمعها كُل عابر بجوار الباب كان ذلك حالهم اليومي الذي أعرفه فقد كُنتُ أسمع ذلك الصخب اليومي ومظاهر الهرج والمرج الذي لا ينتهي وفطورهم الجماعي شبه اليومي الذي يستمر لأكثر من ساعتين يومياً ساعتان تضيع في التنكيت والمزاح والإفطار وشرب الشاي حتى أنني كنتُ أرى أن مطبخ القرار الذي يخدم الرعاية التمريضية يتحول يومياً إلى مطبخ يعج بكُل ما لذ وطاب من أنواع المأكولات التي تفوح رائحتها في الأرجاء وأروقة المستشفى , والحقيقة أقول أنني كنتُ أبغض هذا الفعل اليومي الذي يعتبره البعض مظهر من مظاهر التفاهم والتواصل والحميمة , كنتُ أتهم بالتكبر والتغطرس لأني لا أشاركهم ذلك الفعل اليومي رغم أن مكتبي السابق في الجودة كان في مواجهتهم مباشرة .
كان اجتماعهم الصباحي يبدأ 7:30 صباحاً ولا يصعد المشرفين إلا قرب العاشرة وكأنة لا يوجد عمل بأقسامهم التي يشرفون عليها بإمكانهم القيام به وطبعاً يتولى أحد المشرفين بالتناوب إحضار فطورهم المعتاد ويوضع في أحدى خزانات مكتب القرار والذي تفوح رائحته الزكية فتخدر الأدمغة فتصيح معداتهم مستجيبة بالفطرة لتلك الرائحة فلا يستوعب إلا القلة ما يدور في الاجتماع .
وطبعاً أنا متأكد أن هذا المظهر هو حال معظم إداراتنا الخدمية فكم انتظرت على أبواب بعض المسئولين في دوائر حكومية شتى حتى يفرغ مديرها أو موظفيها من تناول إفطارهم الذي يستغرق وقتاً طويلاً وستعتبر قليل أدب لو أنك حاولت استعجالهم بل وربما تتعقد كل أمورك بسبب أنك حضرت في وقت غير مناسب حيث يعتبرونه حق مشروع لذا أصبح على كُل مواطن أن يراعي هذه الأوقات غير مأسوف عليه .
المهم أنني وقبل أن أدخل استعذت من الشيطان وقلت ( بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله) ثم طرقت الباب وفتحته فنظر الجميع إلي وكأنهم يقولوا من هذا المتطفل الذي يدخل ليفسد علينا بهجتنا صمت الجميع ( بادرتهم السلام عليكم ... قود مورنق ) وقف البعض والبعض لم يتحرك ناظراً لمن وقف بنظرة شزر واحتقار وكأنه يقول أيها المنافقين أنظروا إلي أنا لم أقف أنا لا أتزلف أو أنافق طبعاً كُل ذلك حدث في ثواني معدودة فقد طلبت من الوافين الجلوس وشكرتهم على لفتة الاحترام تلك ( وولكم سير ) (ثانكيو ثانكيو...هاف آست ) كان هناك كرسي واحد ينتظر صاحبة الذي هو مدير التمريض كانوا قد اعتادوا على ما يبدوا أن يكون ذلك الكرسي لمدير التمريض لم يروقني ذالك الموقع حيث لم يكن في المواجهة تلفت وطلبت من أحدهم أن يسمح لي بالجلوس مكانه كان ذلك نائب مدير التمريض وطلبت منة الجلوس على ذلك الكرسي بدلاً عني بينما آخذ أنا مكانه , جلست وأخذت أتأمل الجميع ثم ابتسمت وقلت رائحة إفطاركم زكية ولكني أتمنى أن تخرجوها خارج المكتب حتى نتمكن من التركيز على أعمالنا فمعداتنا بطبيعتها الفطرية قد تشتت ذهننا ضحك الجميع وتبرع أحدهم بنقل عشرات الأكياس إلى مكتب السكرتاريا.
كان تصرفاً سخيفاً مني ولكني أردت أن أبدأ بأول رسائلي التي تفيد برفضي للإفطار مجدداً في إدارة التمريض وهذا ما قررته فعلياً في نفسي قبل أن أبوح به في نهاية الاجتماع.
توجهت بسؤالي لنائب مدير التمريض بماذا تبدءون يومكم وقبل أن يجيب بادر أحدهم بلإجابه بالنيابة عنه قائلاً نحن نبدأ بتقرير المساء والسهر ألتفت إليه وقلت هل سألتك أنت أرجوا في المرات القادمة أن تجيب عندما أسألك فقط فهناك الكثير من الأسئلة تنتظرك لم يعجبه قولي ولكنه أومأ بالإيجاب . عدت إلى نائب مدير التمريض ماذا؟؟ قال نعم نحن نبدأ بالتقرير اليومي ثم يطرح المشرفين المشاكل العاجلة ووضع الحلول المناسبة لها.
فقلت وهل تجدون حلولاً لكل المشكلات المطروحة؟؟ قال أحينناً وأحياننا يصعب حلها وتبقى دون حل !!
ألتفت إلى الجميع وقلت جميل هذه البداية أنتظر من الجميع وخلال ساعتين بعد انتهاء هذا الاجتماع أن يدون كل المشاكل التي لدية والتي يرى أنها طرحت ولم تُحَل في السابق فقط المشاكل المزمنة أكرر خلال ساعتين من انتهاء الاجتماع وليكن التقرير مكتوباً سواء بالانجليزية أو العربية لكم حرية الاختيار وأي تأخير سأعتبر ذلك تهاونناً وسأحاسب علية انتهى.
ثم أشرت إلى المشرفة المسائية بتلاوة التقرير بدأت بقراءة التقرير كنتُ أدون الملاحظات المهمة منة كان تقرير إحصائي أعداد المرضى عدد الخروج الدخول الوفيات الغياب التأخير العمليات الطارئة الحالات المحولة من المستشفيات الحالات المحولة إلى مدن أخرى عناصر التمريض الذين حصلوا على إجازات مرضية العناصر الأجنبية التي وصلت المطار عائدة من الأجازة الحوادث التي سجلت من سقوط مرضى هروب مرضى خروج على المسئولية الحالات المنومة في العناية المركزة ونوعياتها عدد حالات نقل الدم انتهى التقرير.
شكراً على هذا التقرير سؤالي للجميع هل من ملاحظة على التقرير ؟؟
الجميع صامت لا يوجد ؟؟
جميل وماذا تفعلون بعد يا نائب مدير التمريض لا شيء الإفطار ونحن نرحب بك معنا لمشاركتنا إفطار اليوم ومن بعدها يعود الجميع لممارسة أعمالة اليومية.
جميل والآن أود أولاً أن أتعرف على كُل واحد منكم ومهامه اليومية وكيف يمارسها وما هي أهم المشاكل العاجلة التي تحتاج إلى اتخاذ قرار عاجل وسندون ذلك يومياً في محضر اجتماع مكتوب نعيد قراءته في اليوم التالي ونرى من منكم نفذ ما طُلب منة من عدمه وما أسباب عدم تنفيذه فأنا أريد أن أجعل أهمية لاجتماعنا اليومي ثم أمرت بمناداة السكرتيرة لتدوين كل ما نقرره يومياً حضرت السكرتيرة وقلت لها أن تدون ما نناقشه يومياً ومن ثم تقوم بطبعة وإرسال نسخة لكل مشرف بشكل يومي كتنظيم جديد وسيحدد اسم أحد المساعدين بمتابعة هذه التقارير بشكل يومي وإفادتي عن ما تم أولاً بأول .
ثم بدأ كُل منهم بالتعريف بنفسه ومنصبة وأعماله اليومية حتى انتهى الجميع

قد يعتقد البعض أن هذه التفاصيل الدقيقة لا داعي لها ولكن لدي اعتقاد بأهميتها كتجربة لكُل زميل يكون قدرة أن يصاب بلوثة المنصب مع معرفتي أنه ليس من الضروري أن يتقمص أحدنا شخصية الآخر بالتطابق بل أنة قد يستفيد من بعض ما أقول على طريقته الخاصة وحسب ما يقتضيه الموقف على أن يكون أحدنا نفسه بحيث لا يشبهه الآخرين.

( كان هُناك رجُل يغسل سيارته فسأله جاره متى اشتريت هذه السيارة؟؟ فأجابه الرجل لقد أعطاني إياها أخي , فقال له جاره ليتني أملك سيارة مثلها, فأجابه الرجُل ينبغي عليك أن تتمنى أن يكون لديك أخ مثل أخي ,كانت زوجة الجار تستمع لهما فقالت :ليت لدي أخ مثل أخيك)انتهت القصة

ولكن موقف الزوجة كان إيجابياً تجاه قول الرجل لذا فعلينا أن نفكر إيجابيا في كل فعل نراه أو قول نسمعه وأن لا نعتبره شيئاً تافها وغير مهم.

أعود لأكمل اتجهت إلى الجميع بسؤال آخر مفاده ,هل كل واحد فيكم راضي عن آداءة وأداء من هم تحت يده من ممرضين وممرضات أريد إجابة صريحة وصادقة وأمينة ؟؟مع العلم أن أي شخص سيجيب بلا فعليه أن يوضح لماذا؟؟ أما من يجيب بنعم فإن لي طريقتي لأتأكد من صحة كلامه!!
لقد كنتُ أقصد دفعهم إلى الإجابة الصادقة بوضعي للذي يجيب بنعم في مأزق التكهنات بالكيفية التي سأتأكد منها بطريقتي الخاصة التي لا زالوا يجهلونها وأصدقكم القول أنني حتى أنا كنتُ أجهلها ولكنني عرفتها بعد تلك المحادثة بفترة وسأطلعكم عليها فهي بمنتهى البساطة تتم من خلال رصد آراء المرضى حول الخدمة المقدمة لها أما أداء المشرفين ورؤساء الأقسام فمن خلال استطلاع بسيط يوزع على الممرضين والممرضات يشتمل على أسئلة حول رائيهم في من يرأسهم بشرط أن يكفل الاستفتاء سرية الآراء التي يجب أن تدون دون أسماء وأن يحرص مدير التمريض أن لا يطلع عليها غيرة وأن يتلفها مباشرة بعد قراءتها على أن يكلف شخص واحد بجمعها مغلفة وتسليمها لمدير التمريض لضمان السرية على أن يوضح كُل تلك الأجر آت والأحترازات في نفس الاستفتاء لضمان أخذ الآراء بمنتهى الشفافية والجرأة وطبعاً لقد فعلت ذلك بعدها بفترة بسيطة وقد كانت النتائج مذهله بل ومفزعة لو أن المشرفين والرؤساء أطلعوا عليها ولكني استفدت فقط منها في اتخاذ قراراتي دون أن يشعر أحد أن ذلك الاستفتاء كان السبب في تغيير البعض وطبعاً ليس في كُل الأحوال تكون تلك الآراء حقيقية أو صائبة فبعضها حاقد أو شخصي محض لذا فعليك التمييز والتفريق بينها وبين الآراء الصادقة والأمينة وهي مهمة صعبة أضف إلى ذلك أن هُناك بعض الأشخاص الغير محبوبين بسبب طريقته فقط رغم أنة متميز في آداءة لذا عليك أن تعرف هذا النوع من العاملين معك ليمكنك تنبيههم لذلك مع الحرص على إلحاقهم ببعض الدورات التي تنمي مواطن الضعف لديهم في هذا الجانب.
المهم ماذا كانت إجاباتهم لقد كانت مفاجئه للجميع فالكل أجمع على عدم رضاه عن آداءة وأداء من هم تحت يده وعدد قليل منهم عرف كيف يبرر ذلك ومن المؤسف أن تلك التبريرات لم تكن مقنعة إلى حد بعيد وشعر الجميع بالحرج وخاصة أن معظم من قال لا لم يكن قادر على وضع أي تبرير لهذا القول وطبعاً الجميع إندفع إلى هذه الإجابة هرباً من المجهول الذي ينتظره في حال أجاب بنعم لأنة يجهل الطريقة التي سيتحرى بها هذا الثقيل (الذي هو أنا )مدى مصداقيته .
طبعاً الحرج وصل ذروته والتوقعات والتكهنات بلغت أقصى حد لها بعد أن فاجأتهم بقولي تعليقاً على إجاباتهم!!
حسننا الآن إعترف الجميع بضعف آداءة إما مكرهاً لأنة يخشى إجابته بنعم خاصة وأنه لا يعرف كيف سأستقصي الأمر وبعضكم إعترف بعدم رضاه ولم يستطع التبرير لأنة يجهل أسباب ضعف الأداء إما لأنة غير مؤهل للقيادة نهائياً ولا يمكن إصلاح الوضع إلا بتنحية وإتاحة الفرصة للأجدر وهذا الخيار سيكون آخر الحلول وأتمنى أن لا أضطر لذلك أبداً أو لأنة يحتاج للتبصير بأوجه القصور التي تحسن آداءة وهذا هو عمل إدارة التمريض وكُل ما أريده في الغد أن يجلس كُل واحد فيكم مع نفسه ويدون على الورق نقاط الضعف ونقاط القوه لدية على المستوى الشخصي وعلى مستوى العناصر اللذين يعملون مع وليبدأ بالرؤساء ثم يستعين بهم على تقييم الوضع لدية على أن يكون ذلك على مكتبي بنهاية هذا الأسبوع حيثُ سيكون اجتماعنا في يوم الأربعاء لمناقشة ذلك.

والآن دعوني أختم هذا الاجتماع بكلمة بسيطة أود أن تسمعوها وأتمنى بعدها عدم الخوض أو تفسير كلماتها فهي من القلب إلى القلب ولا تحتمل التأويل عند من يصدقها والذي لا يصدقها فذلك شأنه ولا يهمني قوله أولاً هذه ورقة تكليفي فوجودي هو واقع لابد أن يرضى به الجميع شاء من شاء وأبى من أبى وكِلى الفريقين مجبر على التعامل مع وجودي كواقع لا مفر منه طال أو قصُر وهذا سيسهل علية التخلص من الإحساس بصحة القرار الذي أتخذه مدير المستشفى أو خطأه وأمام هذا الواقع المفروض بقوة النظام سواء سيحقق المصلحة العامة أو أنة سيفشل في ذلك ولكني آمل أن يحققها.
أعرف أيها الزملاء أن هُناك من أسعده القرار ومنكم من خالف القرار مبتغاة ولم يسعده ومنكم من عنده الأمر سيان ذهب من ذهب وأتى من أتى وفي كُل الحالات فهذه انطباعات شخصية وفي كُل الحالات أنتم عندي سواء ولستُ حريصاً على معرفة إلى أي فريق ينتمي أحدكم فأنتم إخوان وزملاء مهنة ورفقاء درب وكلكم محل ثقة وسأحسن الضن بالجميع حتى يثبت لي عكس ذلك أنا هُنا أيضاً بقوة النظام وليس لي خيار مثلما وضعتم أنتم في مناصبكم بلا خيار وكُلنا وصلنا خلفاً لمن سبقونا في هذه المهام وهو قدري وقدركم فساعدوني على النجاح فنجاحنا مشترك وفشُلنا مشترك ولن يكون هُناك فشل فردي إلا إذا أراد هو ذلك وعلينا الإيمان بالنجاح وسنحتفل به نجاحاً لنا جميعاً وعلية أن يعُلمنا كيف نفعل مثله ونقتفي أثرة والذي يشعر بعجزة في القيام بمهامه لأي أسباب كانت سنساعده على التغلب على تلك الأسباب ولكن علية أن يساعدنا في اكتشافها بنفسه من خلال اعترافه الشخصي بأوجه القصور لدية وأن لا يشعُر بالخجل في قول الحقيقة لأنها نصف الحل إن لم تكن هي الحل كُله فأنتم من سيقيم وضعة بنفسه وبعضنا سيشارك في تقيم الآخر حتى نصل لرؤية مشتركة وكُل القرارات لن تصدر إلا بعد مناقشتها والتشاور فيها بمنتهى الشفافية والمصداقية والوضوح بلا تحيز أو مداراة أو محسوبية وأنني أحملكم أمانة قول الحق وتوجيه النقد مها كانت حدته ولن تغير هذه الآراء علاقتنا وفي حال وجود البعض ممن لا تعجبه هذه الطريقة فلن أكون حريص على بقاءه معنا مهما كانت مكانته أو موقعة أو أهميته أو تأثيره هذه فلسفتي وهذه طريقتي التي سأعمل بها معكم فإن أعجبتكم فأهلاً وسهلاً وإن غير ذلك فعلى من لا تروقه هذه الطريقة أن يتقدم معززاً مكرماً باختيار المكان الذي يناسبه كعنصر يمارس مهنته وسيبقى يحظى بالاحترام والتقدير من الجميع.
ساعدوني على تحقيق العدل والمساواة بين الجميع فليس في قاموسي أجنبي أو سعودي ولا معايير شكلية أو عرفية وليس لدي تحيز لدين أو ملة يحكمنا قواعد مهنة يجب أن نؤديها بمنتهى الاحترافية والمعرفة والأمانة والإخلاص ونجاحنا في أداء هذه الأمانة هو المقياس الذي سيكون مؤشراً للفرق بين عنصر وآخر ومقياساً للجميع ومن يحاول تجاهل هذه السياسة أو الالتفاف عليها فهو وحده سيتحمل نتائج ذلك في حال اكتشفت ذلك وأؤكد أنني لن أتساهل في ذلك أبداً .
منذُ هذه اللحظة لا أريد أي مقارنة بين الماضي والحاضر وكُل نجاح أو تغيير سنحدثه في مستوى الخدمة المقدمة في مستقبل الأيام لا يعني بأي حال فشل من قبلي فكُلنا بشر يصيب ويخطئ ولكل تغيير مقاومة ووقت زمني فالتغيير إلى الأفضل هو هدفنا ويجب أن يأتي تدريجياً كُل ما علينا هو أن نؤمن بقدرتنا على إحداث تغيير والهدف هو المريض القرار قرارنا وعلى بركة الله.
وهكذا انفض المجلس دون إفطار حيثُ تصدقتُ به على نيتهم على عمال الحديقة بعد أن استأذنتهم في فعل ذلك إن كان أحدهم يرغب في أخذ شيء يكفيه لسد جوعه في ذلك اليوم ولكن الجميع استحى أن يأكل شيئاً بدون مشاركة الآخرين ومن بعدها لم يعد الإفطار الجماعي عادة بل أنني سمحت به في مناسبات خاصة أو قليلة لأسباب خاصة وذلك خلال 8 سنوات قضيتها مديراً للتمريض يتمتع بلوثة المنصب ويرضخ لتبعاته .
ما هي تلك التبعات؟؟
ما هي أهم أحداث تلك السنوات التي مضت بحلوها ومرها؟؟
كم يا ترى خسرت فيها من الأصدقاء ؟؟
وكم كسبت فيها من الأعداء؟؟
ما هي المصاعب التي واجهتها وكيف تعاملت معها؟؟
من نصرني يا تُرى ومن خذلني؟؟
ما هو أول قرار إتخذتة وما هي نتائجه المدمرة وكيف نجوت منها؟؟
كُل هذا ستعرفونه في الحلقة القادمة بإذن الله
وإذا في العُمر بقيه فللحديث بقيه!!!!

الأربعاء، 2 يوليو 2008

مدراء التمريض من ينقذهم من لوثة المنصب : الحلقة الثانية بعد العاشرةِ


أسئلة كثيرة تزدحم في رأسي وأنا أدلف بكم إلى تفاصيل الحلقة الثانية عشر , لا تسألوني ما هي هذه الأسئلة لأنها أشبه بالهم الجاثم على صدري الذي ضاق ذرعاً بهذه الأسئلة التي في أغلبها يعجز قلبي وعقلي عن الإجابة عليها ولا يجد من يهتم بها .
أصدقكم القول أن كل شيء يستحثني على التوقف عن الكتابة عن الماضي لأنة بكل أحداثة مجرد نقطة في بحر الأحداث الجسام التي أواجهها اليوم في حاضري بعد أن أُبتليت بإدارة التمريض بالمنطقة إنني وبعد أن أصبحت مسئولاً أمام الله عن متابعة وحل مشاكل منسوبي التمريض في 15 مستشفى و132 مركز رعاية أولية بتُ أشفق على مسئولينا الكبار وبتُ أعذرهم كثيراً فكيف يشعر بالراحة من يعرف أن الله سيسأله عن حال من هم تحت يده .
يقول لي أحد الأصدقاء وهو يزورني مؤخراً وأنا أرقد على السرير الأبيض ما الذي أصابك وزنك يتناقص وبهجتك تتلاشى وظهر الشيب عليك في فترة وجيزة إنني قلق عليك أنت تجهد نفسك أكثر من اللازم الأمر لا يستحق كُل هذا العناء الوضع يحتاج لمعجزة إلهيه وأنت لا تملكها منذُ عرفتك وأنت تُجدف عكس التيار ورغم هذا هل رأيت شيئاً تغير .
يا أخي إنني ِأرجوك رجاء محب لا تحمل الأمور أكثر مما يجب الأغلبية ترى أنها على صواب ولن تستطيع تغيير هذا الرأي لديهم انتهى كلام صديقي الذي لا أشك في محبته قط .
وعندما رأى صديقي صمتي حاول أن يتدارك حديثة بجرعة أخرى مختلفة لعلها تخفف من وقع حديثة السابق ولكنة لم يفلح في الخروج بي من سرحاني وحيرتي فقرر المغادرة وكأنة نادم على حديثة معي بتلك اللهجة التشاؤمية وقبل أن يخرج جذبته إلي بقوه فتراجع مستغرباً تلك القوه التي تبدو مقصودة ضحكت وقلتُ له إجلس حديثنا لم ينتهي أنت أكثر شخص أتمنى أن يبقى إلى جواري .
جلس وكأنة يعبر عن خجلة وقال ضننت حديثي ضايقك ؟؟
قلتُ له بالطبع لا بد أن يضايقني مثل هذا الحديث الانهزامي نحن يا صديقي أقوى من العواصف التي تجتاحنا ويجب أن لا ندير ظهورنا لها إنها مؤقتة مهما طالت نحن أقوى منها ويجب أن نؤمن بذلك.
أعرف أنني يا صديقي أواجه عواصف لا تهدأ ومواجهات لا تستقر وتحديات لا تنتهي .
ولكن هل أعلن انسحابي ؟؟ هل هذا هو الحل في رأيك؟؟ هذا ما ينتظره البعض ولكن ماذا بعد؟؟ أعرف يا صديقي أنك تخشى فشلي وفي نفس الوقت تعرف أنني إن حققت النجاح فإني لن أنجو من تبعاته أعرف كُل هذا ولكن يجب أن لا تقلق على الأقل أنت لأنك تعرف توجهي وثق كما أثق أن الله لن يخذلني.
خرج صديقي وبقيت أنا أطرح على نفسي بقية تساؤلات لم تخطر ببال صديقي .
كنتُ أسأل نفسي هل النجاح في هذا الزمن عمل استثنائي محفوف بالمخاطر ومليء بالمفاجآت والحُفر؟؟
أتساءل كم عدد الناجحين في هذا الزمن؟؟ وما هو مقياس النجاح لكُلٍ منا؟؟ ولماذا نقول عن فلان من الناس أنه ناجح؟؟ ونقول عن فلان أنه فاشل ؟؟ولماذا عندما ينجح أحدهم يصر البعض إلى دفعة عنوة إلى زمرة الفاشلين دون رحمة ولا شفقة؟؟
سأعود لأجيب على كُل هذه التساؤلات في إحدى الحلقات القادمة إذا لم يسبقني أحد الزملاء من متابعي هذه السلسلة إلى الإجابة عليها!!
والآن أعود لأكمل ما بدأته في الحلقة السابقة فقد توقفت عند عودتي من الرياض المدينة الصاخبة عُدت إلى الجودة من جديد حيث لا جديد يمكني أن أضيفة كان هذا رأيي فبعد مقابلتي لمدير المستشفى أوضحت له أن قسم الجودة بحاجة إلى خبير جودة حقيقي يقوم بتطبيق معايير الجودة واقترحت علية تكليف استشاري السجلات الطبية (( سايمون)) وهو نيجيري وذو كفاءة عالية وهو إلى اليوم يعمل خبيراً للجودة بعد أن نقل خدماته إلى وزارة الصحة وهو يعمل حالياً بصحة نجران وأنا أثق في قدراته ولا زُلنا على تواصل إلى هذه اللحظة وبالفعل قام مدير المستشفى بتكليفه وعملنا سوياً بهذا القسم وأسسنا قاعدة قوية للجودة إلا أنها سرعان ما انهارت حيثُ صدر قرار يقضي برحيل مدير المستشفى بعدها بفترة وجيزة وقد كان قراراً أصفة بالكارثي ولكن لا مجال لدرئه حيث صدر القرار وكنتُ أكبر المتضررين من هذا القرار تلاه رحيل (( سايمون)) وبقيت وحديداً في القسم مع السكرتيرة التي لا زالت تتنقل من شركة إلى شركة في نفس مقر عملها بالجودة وهي مخلصة وتفهم أدق تفاصيل العمل بالقسم وإذا كان من فظل بعد الله في بقاء هذا القسم حياً إلى الآن فهو لها.
إنقلبت كل الموازين وأختلطت كُل الأوراق بالنسبة لي فالمدير الذي غادر كان سر تقدمي في الجودة والقادم لا أعرفه ولا يعرفني فهو من خارج أروقة المستشفى وشتان بين الاثنين.
وبعد هذا التغيير المفاجئ والغير عادل مر المستشفى بأزمة تعملق فيها الأقزام وتقزم فيها عمالقة العمل المخلص ونشأت الصراعات واحتدمت فيها الأحداث وتوالت عاصفة, قرارات بالجملة ينقض أحدها الآخر وعمت الفوضى وتغيرت المواقع بدون داعي وبدأت نتائج تلك القرارات تظهر على الخدمة المقدمة للمرضى وتراجع الأداء تراجعاً ملحوظاً وبدأ البعض ممن لم يرضيهم هذا الوضع في التفكير بالرحيل والبحث عن ملاذ آمن يشعرون فية بقيمة وجودهم ولكن كُل محاولاتهم بآت بالفشل .
أما أنا ولأول مرة أقرر أن أصمت وأراقب المشهد لم أشارك في الاجتماعات وفضلت البقاء بعيداً عن هذه الموجة العاتية التي تجتاح الجميع فالإدارة الجديدة تحظى بدعم ونفوذ غير مسبوق ولكن بلا بصيرة.
فللأسف أنه أستغل هذا النفوذ لتنفير المبدعين وإسكات أصوات المخلصين تخبط إداري غير مسبوق والأيام والشهور سنة وسنتان مرت أعادت المستشفى إلى الوراء عشرات السنين يا لهول المشهد حقيقة لا أستطيع وصف الحال الذي مر به المستشفى ولكن يبدوا أن الله إستجاب لدعاء المرضى بعد أن وصل المستشفى إلى مرحلة احتضار حقيقة تسيب لا مبالاة ترهل النظام واندثرت ملامح الأنظباط الكُل يُفتي والكل يدعي العلم والمعرفة وتداخلت الصلاحيات .
وبعد السنتان أتى قرار إعفاء المدير الذي أذهله القرار فرفض مغادرة المكتب للقادم الذي كان تكليفه مفاجئة أخرى لا تقل وطأتها عن السابق وأضطر المدير الجديد إلى ممارسة صلاحياته في الأسبوع الأول من مكتب السكرتاريا وأصبح الوضع حديث الناس الشامتون توافدوا وغرقوا في التندر بما يجري وهم نفسهم من استقبلوا المدير السابق وصفقوا له طوال السنتين العجاف وهاهم يمارسون نفس الدور الذي مارسوه طوال تلك السنتين المشهد يتكرر فقد تحولت القوى إلى المدير الجديد حيثُ سقط السابق وبقي الأتقياء بعيداً ينتظرون أن يكشف مديرهم الجديد عن سياسته التي بالتأكيد أنهم يأملون أن تعيد التوازن للمستشفى ولكن الجميع يبدو متشائماً خاصة وأنة الوحيد الذي قبل بالمنصب في وضع المستشفى الذي بات تحت مجهر الانتقاد حيثُ يعتبر البعض أن المدير الجديد في مهمة محكوم عليها بالفشل حيثُ كان الجميع يعرف أنة لم يفلح في الإدارة الطبية فكيف سيفلح مديراً للمستشفى .
سنتان أخرى من الضياع والتندر بما يجري وكُل الأمور تسير بالبركة حدثت بعدها كارثة المتصدع الذي ظهر بالمنطقة وواجهه المستشفى والشئون الصحية والوزارة أكبر محنة بعدها انجلى المشهد بتغيير جذري على مستويات رفيعة تلاها تغييرات جذرية في الخدمات الصحية بالمنطقة حيثُ أتى مدير عام جديد للشئون الصحية كان قبلها قد رحل المدير السابق للمستشفى قبلها بأشهر حيثُ استمر المدير الجديد الذي جاء بعد الاثنين كانت فترة بسيطة كنت أثناء تلك الفترة قد التحقت بدورة لمدة ستة أشهر بمستشفى الملك خالد التخصصي للعيون كانت الدورة في مجال إدارة التمريض للسعوديين وكانت دورة باللغة الإنجليزية عدتُ بعدها إلى نفس القسم ولكن فوجئت بمدير المستشفى الجديد يستدعيني ويعرض علي منصب مدير التمريض لم يكن زميلي الأستاذ/ ناصر معتبي قد مر على عملة بإدارة التمريض وقتاً طويلاً ويشهد الله أنني حاولت رفض ذلك مفضلا بقائي بقسم الجودة أو العودة إلى القسم كممرض ولكن كُل محاولاتي باءت بالفشل وصدر القرار الكارثي بالنسبة لي الذي يقضي بتكليفي مديراً للتمريض كان ذلك بتاريخ 27/ 10 / 1421هــ باشرت مهام عملي بعد ثلاثة أيام كنتُ أسعى خلالها للخلاص من هذا القرار دون جدوى رصدت خلالها أصداء القرار التي لم تكن مبشرة فالكُل يرى في ذلك الإنسان المتشدد والغير جدير بهذا المنصب ضنناً منهم أنني أنا من سعيت للحصول علية ويشهد الله أنني لم أسعى إلية قط .
بقيت أسمع كثير من التوقعات التي يطلقها زملاء المهنة خاصة وأنهم يرون أني شخص صعب المراس يعرفون عنه مناهضته وعدم رضاه عن كل أحوال التمريض.
وهكذا وبهذا القرار عُدت إلى عوالم منصب كُنتُ قد ابتعدت عنة بمحض إرادتي .
فَهَم الإدارة لا يعرفه إلا من جربه بقيت حائراً كيف أبدأ يومي الأول وبمن أثق في هذه المهمة التي يبدوا لي الفشل فيها أقرب منه إلى النجاح فالعجز في التمريض كبير مقارنة بحجم العمل.
أعداد السعوديين من الخريجين قليلي الخبرة كبير بالإضافة أن نصفهم يعاني من مشاكل اجتماعية تمنع انضباطهم وخاصة العنصر السعودي النسائي.
أضف إلى ذلك رحيل العديد من الخبرات الأجنبية التي كانت تعتمد إدارة التمريض عليهم .
معظم الأقسام أصبح يشرف عليها ويرأسها عنصر سعودي تم الزج بها إلى سدة المنصب دون تأهيل جيد كان ذلك إجبارياً دون تخطيط 80% منهم يعاني الأمرين في تسيير دفة العمل الذي بات يسير بالبركة بسبب سنوات الضياع التي عاشها المستشفى في سنواته الأربع والذي كانت تأثيراته واضحة على أداء الجميع الكُل يكابر ويرفض الاعتراف بضعف آداءة ويرفض العودة إلى ما قبل تكليفه ويقاتل من أجل إبعاد شبح العودة كممرض خوفاً من شماتة الحُساد فهو يرى أنهم هم السبب فيما يحيط به من فشل يعرفه ولا يقر به, كُل همة الاستمرار دون الالتفات لما يحققه من نتائج.
كنتُ أعرف كُل ذلك وأشعر بالخوف من مواجهته ولكنة قدري الذي يجب علي أن أواجهه .
وفي اليوم الرابع الموافق 1/11/ 1421هــ هو اليوم الأول الذي أدلف فيه مكتب إدارة التمريض أحمل في يدي قدري وهو قرار تكليفي مديراً للتمريض بمستشفى الملك فهد المركزي بجازان.
ماذا حدث في ذلك اليوم ؟؟
كيف أدرت اجتماعي الأول مع المشرفين والمساعدين الذين يعقدون اجتماعهم اليومي في غرفة القرار بصفة يومية؟؟
ماذا دار في ذلك الاجتماع ؟؟
كيف بدوت غريباً لكل من أعرف من زملاء المهنة اللذين كانوا يرمقونني بنظرات تكاد تخترقني وأنا أجلس لأول مرة في مواجهتهم؟؟
ماذا عساي قٌلت لهم في هذا اليوم التاريخي بالنسبة لي؟؟
انتظروني فأنا أتهيأ لمصافحتكم بالحلقة الثالثة بعد العاشرة والتي ستكون من أجمل الحلقات التي شارفت على الانتهاء من كتابتها!!
وإذا كان في العُمر بقية فللحديث بقية!!!