الأربعاء، 2 يوليو 2008

مدراء التمريض من ينقذهم من لوثة المنصب : الحلقة الثانية بعد العاشرةِ


أسئلة كثيرة تزدحم في رأسي وأنا أدلف بكم إلى تفاصيل الحلقة الثانية عشر , لا تسألوني ما هي هذه الأسئلة لأنها أشبه بالهم الجاثم على صدري الذي ضاق ذرعاً بهذه الأسئلة التي في أغلبها يعجز قلبي وعقلي عن الإجابة عليها ولا يجد من يهتم بها .
أصدقكم القول أن كل شيء يستحثني على التوقف عن الكتابة عن الماضي لأنة بكل أحداثة مجرد نقطة في بحر الأحداث الجسام التي أواجهها اليوم في حاضري بعد أن أُبتليت بإدارة التمريض بالمنطقة إنني وبعد أن أصبحت مسئولاً أمام الله عن متابعة وحل مشاكل منسوبي التمريض في 15 مستشفى و132 مركز رعاية أولية بتُ أشفق على مسئولينا الكبار وبتُ أعذرهم كثيراً فكيف يشعر بالراحة من يعرف أن الله سيسأله عن حال من هم تحت يده .
يقول لي أحد الأصدقاء وهو يزورني مؤخراً وأنا أرقد على السرير الأبيض ما الذي أصابك وزنك يتناقص وبهجتك تتلاشى وظهر الشيب عليك في فترة وجيزة إنني قلق عليك أنت تجهد نفسك أكثر من اللازم الأمر لا يستحق كُل هذا العناء الوضع يحتاج لمعجزة إلهيه وأنت لا تملكها منذُ عرفتك وأنت تُجدف عكس التيار ورغم هذا هل رأيت شيئاً تغير .
يا أخي إنني ِأرجوك رجاء محب لا تحمل الأمور أكثر مما يجب الأغلبية ترى أنها على صواب ولن تستطيع تغيير هذا الرأي لديهم انتهى كلام صديقي الذي لا أشك في محبته قط .
وعندما رأى صديقي صمتي حاول أن يتدارك حديثة بجرعة أخرى مختلفة لعلها تخفف من وقع حديثة السابق ولكنة لم يفلح في الخروج بي من سرحاني وحيرتي فقرر المغادرة وكأنة نادم على حديثة معي بتلك اللهجة التشاؤمية وقبل أن يخرج جذبته إلي بقوه فتراجع مستغرباً تلك القوه التي تبدو مقصودة ضحكت وقلتُ له إجلس حديثنا لم ينتهي أنت أكثر شخص أتمنى أن يبقى إلى جواري .
جلس وكأنة يعبر عن خجلة وقال ضننت حديثي ضايقك ؟؟
قلتُ له بالطبع لا بد أن يضايقني مثل هذا الحديث الانهزامي نحن يا صديقي أقوى من العواصف التي تجتاحنا ويجب أن لا ندير ظهورنا لها إنها مؤقتة مهما طالت نحن أقوى منها ويجب أن نؤمن بذلك.
أعرف أنني يا صديقي أواجه عواصف لا تهدأ ومواجهات لا تستقر وتحديات لا تنتهي .
ولكن هل أعلن انسحابي ؟؟ هل هذا هو الحل في رأيك؟؟ هذا ما ينتظره البعض ولكن ماذا بعد؟؟ أعرف يا صديقي أنك تخشى فشلي وفي نفس الوقت تعرف أنني إن حققت النجاح فإني لن أنجو من تبعاته أعرف كُل هذا ولكن يجب أن لا تقلق على الأقل أنت لأنك تعرف توجهي وثق كما أثق أن الله لن يخذلني.
خرج صديقي وبقيت أنا أطرح على نفسي بقية تساؤلات لم تخطر ببال صديقي .
كنتُ أسأل نفسي هل النجاح في هذا الزمن عمل استثنائي محفوف بالمخاطر ومليء بالمفاجآت والحُفر؟؟
أتساءل كم عدد الناجحين في هذا الزمن؟؟ وما هو مقياس النجاح لكُلٍ منا؟؟ ولماذا نقول عن فلان من الناس أنه ناجح؟؟ ونقول عن فلان أنه فاشل ؟؟ولماذا عندما ينجح أحدهم يصر البعض إلى دفعة عنوة إلى زمرة الفاشلين دون رحمة ولا شفقة؟؟
سأعود لأجيب على كُل هذه التساؤلات في إحدى الحلقات القادمة إذا لم يسبقني أحد الزملاء من متابعي هذه السلسلة إلى الإجابة عليها!!
والآن أعود لأكمل ما بدأته في الحلقة السابقة فقد توقفت عند عودتي من الرياض المدينة الصاخبة عُدت إلى الجودة من جديد حيث لا جديد يمكني أن أضيفة كان هذا رأيي فبعد مقابلتي لمدير المستشفى أوضحت له أن قسم الجودة بحاجة إلى خبير جودة حقيقي يقوم بتطبيق معايير الجودة واقترحت علية تكليف استشاري السجلات الطبية (( سايمون)) وهو نيجيري وذو كفاءة عالية وهو إلى اليوم يعمل خبيراً للجودة بعد أن نقل خدماته إلى وزارة الصحة وهو يعمل حالياً بصحة نجران وأنا أثق في قدراته ولا زُلنا على تواصل إلى هذه اللحظة وبالفعل قام مدير المستشفى بتكليفه وعملنا سوياً بهذا القسم وأسسنا قاعدة قوية للجودة إلا أنها سرعان ما انهارت حيثُ صدر قرار يقضي برحيل مدير المستشفى بعدها بفترة وجيزة وقد كان قراراً أصفة بالكارثي ولكن لا مجال لدرئه حيث صدر القرار وكنتُ أكبر المتضررين من هذا القرار تلاه رحيل (( سايمون)) وبقيت وحديداً في القسم مع السكرتيرة التي لا زالت تتنقل من شركة إلى شركة في نفس مقر عملها بالجودة وهي مخلصة وتفهم أدق تفاصيل العمل بالقسم وإذا كان من فظل بعد الله في بقاء هذا القسم حياً إلى الآن فهو لها.
إنقلبت كل الموازين وأختلطت كُل الأوراق بالنسبة لي فالمدير الذي غادر كان سر تقدمي في الجودة والقادم لا أعرفه ولا يعرفني فهو من خارج أروقة المستشفى وشتان بين الاثنين.
وبعد هذا التغيير المفاجئ والغير عادل مر المستشفى بأزمة تعملق فيها الأقزام وتقزم فيها عمالقة العمل المخلص ونشأت الصراعات واحتدمت فيها الأحداث وتوالت عاصفة, قرارات بالجملة ينقض أحدها الآخر وعمت الفوضى وتغيرت المواقع بدون داعي وبدأت نتائج تلك القرارات تظهر على الخدمة المقدمة للمرضى وتراجع الأداء تراجعاً ملحوظاً وبدأ البعض ممن لم يرضيهم هذا الوضع في التفكير بالرحيل والبحث عن ملاذ آمن يشعرون فية بقيمة وجودهم ولكن كُل محاولاتهم بآت بالفشل .
أما أنا ولأول مرة أقرر أن أصمت وأراقب المشهد لم أشارك في الاجتماعات وفضلت البقاء بعيداً عن هذه الموجة العاتية التي تجتاح الجميع فالإدارة الجديدة تحظى بدعم ونفوذ غير مسبوق ولكن بلا بصيرة.
فللأسف أنه أستغل هذا النفوذ لتنفير المبدعين وإسكات أصوات المخلصين تخبط إداري غير مسبوق والأيام والشهور سنة وسنتان مرت أعادت المستشفى إلى الوراء عشرات السنين يا لهول المشهد حقيقة لا أستطيع وصف الحال الذي مر به المستشفى ولكن يبدوا أن الله إستجاب لدعاء المرضى بعد أن وصل المستشفى إلى مرحلة احتضار حقيقة تسيب لا مبالاة ترهل النظام واندثرت ملامح الأنظباط الكُل يُفتي والكل يدعي العلم والمعرفة وتداخلت الصلاحيات .
وبعد السنتان أتى قرار إعفاء المدير الذي أذهله القرار فرفض مغادرة المكتب للقادم الذي كان تكليفه مفاجئة أخرى لا تقل وطأتها عن السابق وأضطر المدير الجديد إلى ممارسة صلاحياته في الأسبوع الأول من مكتب السكرتاريا وأصبح الوضع حديث الناس الشامتون توافدوا وغرقوا في التندر بما يجري وهم نفسهم من استقبلوا المدير السابق وصفقوا له طوال السنتين العجاف وهاهم يمارسون نفس الدور الذي مارسوه طوال تلك السنتين المشهد يتكرر فقد تحولت القوى إلى المدير الجديد حيثُ سقط السابق وبقي الأتقياء بعيداً ينتظرون أن يكشف مديرهم الجديد عن سياسته التي بالتأكيد أنهم يأملون أن تعيد التوازن للمستشفى ولكن الجميع يبدو متشائماً خاصة وأنة الوحيد الذي قبل بالمنصب في وضع المستشفى الذي بات تحت مجهر الانتقاد حيثُ يعتبر البعض أن المدير الجديد في مهمة محكوم عليها بالفشل حيثُ كان الجميع يعرف أنة لم يفلح في الإدارة الطبية فكيف سيفلح مديراً للمستشفى .
سنتان أخرى من الضياع والتندر بما يجري وكُل الأمور تسير بالبركة حدثت بعدها كارثة المتصدع الذي ظهر بالمنطقة وواجهه المستشفى والشئون الصحية والوزارة أكبر محنة بعدها انجلى المشهد بتغيير جذري على مستويات رفيعة تلاها تغييرات جذرية في الخدمات الصحية بالمنطقة حيثُ أتى مدير عام جديد للشئون الصحية كان قبلها قد رحل المدير السابق للمستشفى قبلها بأشهر حيثُ استمر المدير الجديد الذي جاء بعد الاثنين كانت فترة بسيطة كنت أثناء تلك الفترة قد التحقت بدورة لمدة ستة أشهر بمستشفى الملك خالد التخصصي للعيون كانت الدورة في مجال إدارة التمريض للسعوديين وكانت دورة باللغة الإنجليزية عدتُ بعدها إلى نفس القسم ولكن فوجئت بمدير المستشفى الجديد يستدعيني ويعرض علي منصب مدير التمريض لم يكن زميلي الأستاذ/ ناصر معتبي قد مر على عملة بإدارة التمريض وقتاً طويلاً ويشهد الله أنني حاولت رفض ذلك مفضلا بقائي بقسم الجودة أو العودة إلى القسم كممرض ولكن كُل محاولاتي باءت بالفشل وصدر القرار الكارثي بالنسبة لي الذي يقضي بتكليفي مديراً للتمريض كان ذلك بتاريخ 27/ 10 / 1421هــ باشرت مهام عملي بعد ثلاثة أيام كنتُ أسعى خلالها للخلاص من هذا القرار دون جدوى رصدت خلالها أصداء القرار التي لم تكن مبشرة فالكُل يرى في ذلك الإنسان المتشدد والغير جدير بهذا المنصب ضنناً منهم أنني أنا من سعيت للحصول علية ويشهد الله أنني لم أسعى إلية قط .
بقيت أسمع كثير من التوقعات التي يطلقها زملاء المهنة خاصة وأنهم يرون أني شخص صعب المراس يعرفون عنه مناهضته وعدم رضاه عن كل أحوال التمريض.
وهكذا وبهذا القرار عُدت إلى عوالم منصب كُنتُ قد ابتعدت عنة بمحض إرادتي .
فَهَم الإدارة لا يعرفه إلا من جربه بقيت حائراً كيف أبدأ يومي الأول وبمن أثق في هذه المهمة التي يبدوا لي الفشل فيها أقرب منه إلى النجاح فالعجز في التمريض كبير مقارنة بحجم العمل.
أعداد السعوديين من الخريجين قليلي الخبرة كبير بالإضافة أن نصفهم يعاني من مشاكل اجتماعية تمنع انضباطهم وخاصة العنصر السعودي النسائي.
أضف إلى ذلك رحيل العديد من الخبرات الأجنبية التي كانت تعتمد إدارة التمريض عليهم .
معظم الأقسام أصبح يشرف عليها ويرأسها عنصر سعودي تم الزج بها إلى سدة المنصب دون تأهيل جيد كان ذلك إجبارياً دون تخطيط 80% منهم يعاني الأمرين في تسيير دفة العمل الذي بات يسير بالبركة بسبب سنوات الضياع التي عاشها المستشفى في سنواته الأربع والذي كانت تأثيراته واضحة على أداء الجميع الكُل يكابر ويرفض الاعتراف بضعف آداءة ويرفض العودة إلى ما قبل تكليفه ويقاتل من أجل إبعاد شبح العودة كممرض خوفاً من شماتة الحُساد فهو يرى أنهم هم السبب فيما يحيط به من فشل يعرفه ولا يقر به, كُل همة الاستمرار دون الالتفات لما يحققه من نتائج.
كنتُ أعرف كُل ذلك وأشعر بالخوف من مواجهته ولكنة قدري الذي يجب علي أن أواجهه .
وفي اليوم الرابع الموافق 1/11/ 1421هــ هو اليوم الأول الذي أدلف فيه مكتب إدارة التمريض أحمل في يدي قدري وهو قرار تكليفي مديراً للتمريض بمستشفى الملك فهد المركزي بجازان.
ماذا حدث في ذلك اليوم ؟؟
كيف أدرت اجتماعي الأول مع المشرفين والمساعدين الذين يعقدون اجتماعهم اليومي في غرفة القرار بصفة يومية؟؟
ماذا دار في ذلك الاجتماع ؟؟
كيف بدوت غريباً لكل من أعرف من زملاء المهنة اللذين كانوا يرمقونني بنظرات تكاد تخترقني وأنا أجلس لأول مرة في مواجهتهم؟؟
ماذا عساي قٌلت لهم في هذا اليوم التاريخي بالنسبة لي؟؟
انتظروني فأنا أتهيأ لمصافحتكم بالحلقة الثالثة بعد العاشرة والتي ستكون من أجمل الحلقات التي شارفت على الانتهاء من كتابتها!!
وإذا كان في العُمر بقية فللحديث بقية!!!

ليست هناك تعليقات: