الأحد، 25 مايو 2008

(( الحــــلــــــقــــــة الـــــــثـــامـــنـــة ))

قبل الاجتماع ذهبت لأداء صلاة الظهــر وأثناء خروجي من المسجد قابلت بالصدفة سعادة مدير المستشفى فصافحني وقال كيف تسير الأمور فقلت على أحسن حال حتى الآن ولكن لدينا اجتماع الآن للجنة الوفيات هل تسمح لي بسؤال قال تفضل قُلت هل سبق أن حضرت أياً من هذه الاجتماعات لهذه اللجنة ؟
فقال هذه مسؤولية المدير الطبي وهيكلياً هو المسئول عنها ولكن لماذا تسأل فقلت سيدي كان مجرد سؤال فأنا قرأت ملف اللجنة وشعرت أن الكثير من قراراتها تحتاج إلى أن تعرف عنها أنت على وجه الخصوص لأن المدير الطبي أجنبي ومعظم الأطباء المعنيين بالحالات التي تُناقش في هذه اللجنة من نفس جنسية المدير الطبي وكُل الأعضاء من العُنصر الأجنبي وأرى على الأقل أن تحضر من وقت لأخر أو تعرض عليك نتائجها ولو حضرت اليوم فقد تتغير الكثير من الأمور فقال متى الاجتماع فقلت الآن بعد دقائق فقال سأتبعك بعد قليل لقد فهمت مقصدك يا موسى أنا سعيد برأيك ألم أقل لك أنك ستنجح اتجهت إلى القاعة وكُنت والسكرتيرة أول الداخلين ثم تتابع دخول بقية الأعضاء وكعادة الاجتماعات العربية لم أعرف في حياتي اجتماع بدأ في وقته المحدد وإن حدث فذالك سيكون حدثاً مهماً أتمنى أن أرى هذا اليوم الذي لا زلت أنتظره بما تبقى لي من عُمر والذي أكاد أجزم أنة لن يأتي حتى يرث الله الأرض ومن عليها وتأكدوا أن هذا اليوم إذا أتى سيكون هو بداية التغيير إلى الأحسن المهم أن رئسنا الموقر أول ما رائني أجلس في طرف الطاولة المستديرة امتقع لونه وتغير وأشار إلى السكرتيرة بإصبعه إليها أن تقترب منه فاقتربت منة فقال لها أرجوا إخراج موسى فهو عضو في لجنة التمريض فقط ولم أسمح له بالحضور إلى الآن وأصبحت السكرتيرة في حرج وفي حيص بيص اقتربت مني وقالت بهدوء الرئيس لا يرغب في وجودك فوقفت وقُلت يا سيدي لما لا تريدني أن أحضر هذا الاجتماع وقبل أن يرد دخل مدير المستشفى لأول مرة في تاريخ هذه اللجنة وقف الجميع وجلس على كُرسي الرئيس بعد أن سلم على الجميع الكُل يتلفت مستغربين هذا الحضور المفاجئ بينما أنا لا زلت واقفاً لم يحسم بعد وجودي من عدمه فقُلت لرئيسي هل أذهب أم أجلس فقال المدير إلى أين تذهب فقُلت أبداً يا سيدي لقد طُلب مني المغادرة فقال وبنبرة جافة اجلس ثم أصدر أوامره الفورية لرئيسي الموقر قائلاً مخاطباً إياه منذ اليوم موسى سيكون عضواً دائماً في كُل اللجان وأنا هُنا اليوم بدعوة خاصة منة وهي دعوة لم يسبق لأحد منكم توجيهها لي انتهى الأمر بإمكانكم بدء الاجتماع مع اعتذاري لهذا التواجد الغير متوقع كان الجميع في ذهول لا يدري أحد ما هي الطبخة ولا حتى أنا وبدأ الاجتماع وتم استعراض المحضر السابق وبدا المدير الطبي مرتبكاً عندما تُليت القرارات والتوصيات التي لا يعرف مدير المستشفى أي شيء عنها ولم ينفذ منها شيئاً إلى تاريخه ظل مدير المستشفى طوال الاجتماع كمراقب وهو يضع يده على
خده ويفكر والكُل يختلس النظر إلى ملامحه التي لم يستطع إخفاء موجة الغضب والغليان في داخلة ولكن ظل صامتاً ثم خرج قبل نهاية الاجتماع بخمس دقائق دون أن يتفوه بكلمة وبمجرد خروجه أنفجر الجميع في وجهي من خولك بدعوته ومن أنت لكي تدعو مدير المستشفى عنده وقفت وبكُل شجاعة وصرخت في وجه الجميع وما سبب ثورتكم هذه أسألوه هو هذا السؤال فأنا لا أجد سبباً لثورتكم هذه إلا إن كان لديكم ما تخشون معرفته من قبل مدير المستشفى صمت الجميع وكسبت كراهية الجميع دفعة واحدة ولكني كسبت المعركة بكُل جدارة خرج الجميع وتم استدعائي من قبل مدير المستشفى بعدها بنصف ساعة دخلت علية فقال اسمع يا موسى منذُ اليوم أنت عيني التي أبصر بها وأذني التي أسمع بها في كُل شيء يخص أعمال هذه اللجان أريد أن تكون لدي صورة واضحة عن كُل ما تعتقدة مهماً إنني أثق فيك هل تُقدر هذا فقُلت بالتأكيد يا سيدي أنا رهن إشارتك وأنا فخور بهذه الثقة ولكن لدي تحفظ على الطريقة التي تريدني أن أنقل لك بها المعلومات فليس من طبعي التجسس على الغير أو نقل أي شيء عن أي أحد ما لم يكن بطريقة رسمية فبإمكاننا عمل نموذج نعرض فيه ملخص للمهم والذي أرى أنك يجب أن تتطلع علية على أن يكون ذلك بتكليف رسمي منك يعلمه الجميع فأنا لا أقبل أن يعتقد أحد أنني مجرد منافق أو نمام أو ناقل أخبار بغرض مضرة الناس لأن الهدف هو الإصلاح ولن أقبل أن يكون ما أعتقدة وتعتقدة إصلاحاً على حساب سمعتي فهي رأس مالي وأنا أربأ بنفسي عن مضرة الناس بأسلوب التجسس نحن نعمل يا سيدي تحت الشمس ولسنا مجبرين على العمل في الظلام فقال وليكن فأنا أحترم هذا الرأي الذي لم أسمعة من أحد قبلك إنني أزداد ثقة فيك أنت لا تتخيل مدى إعجابي بك إذا عليك عمل النموذج بصفة عاجلة وسيصدر قراراً بجعلك مسئولاً عن تعبئته وعرضه علي في أي وقت اسمع يا موسى لقد جعلني هذا الاجتماع افتح عيني على أمور كثيرة وسوف تصدر قرارات اليوم تتبعها أعمال أسأل الله أن يكتب لها التوفيق والنتائج أرهنها باجتهادك وإخلاصك ف تقييمها فأنا على ثقة من قدرتك على تقييم نتائجها فقُلت له سيدي أرجو أن تخاطبني على مستوى فهمي فأنا لم أفهم ما تقصد فقال أنا سأقوم بتكليف طبيب سعودي بالإدارة الطبية ثم سأقوم بتكليف الشركة بالتعاقد مع أحد استشاريي الجودة بالحرس الوطني لعلة يستطيع كشف صلاحية هذا البريطاني الذي لا أرى أنة جاد في عملة وأنا غير مقتنع بوجوده فهو يتقاضى مرتباً عالياً بلا إنتاجية فالحال لم يتغير وهذا الاجتماع كشف لي أن ما يقوم بة لا يتجاوز حبر على ورق بينما الواقع يقول أنة لا جديد ولا جودة ولا جدية فقُلت له سيدي أهدافك سامية وتجاوبك السريع فوق مستوى توقعي وتواضعك في الحديث معي عن أمور مهمة مثل هذه هو فوق مستواي ولكن أسأل الله أن أكون عند حسن ضنك بي .
صدر قرار بتكليف طبيب سعودي مديراً طبياً في اليوم التالي كان المفاجأة الأولى التي دوت في المستشفى وأصبح ذلك القرار حديث الناس وعاد المدير الطبي الذي شغل هذا المنصب سنوات طويلة ليعود طبيباً عادياً بلا منصب بقسم الباطنية ليتقدم بالاستقالة بعدها بوقت قصير.
من هو المدير الطبي الجديد أنة أحد ألمع الأطباء السعوديين لقد أصبح مديراً طبياً كان الجميع يهابه عُرف بعلمه الغزير وفهمه العميق لكُل صغيرة وكبيرة انقلبت الموازين وبدأت العاصفة الطبية التي أحدثت نقلة نوعية في عمل الأطباء كان قراراً تاريخياً هل كُنت سبباً فيه لا أدري ولكن هذا القرار كان مِفصلاً مهماً في تاريخ المستشفى تبعتها أحداث جسام لا أستطيع سرد أحداثها فلم تعُد الذاكرة تحتفظ بمعظمها ولا أرى أهمية لذكرها بعدها بشهر تقرر حضور مؤتمر للجودة النوعية بمستشفى الملك فهد بالباحة كُنت رابع أربعة حيث قرر مدير المستشفى أن يذهب هو والمدير الإداري ومدير الخدمات المساندة وأنا رابعهم بدلاً عن خبير الجودة البريطاني والذي استشاط غضباً وقرر الاستقالة قُبلت إستقالتة فوراً وكأن مدير المستشفى كان ينتظر هذا القرار على أحر من الجمر لم يصدق أن إستقالتة قُبلت ليرحل قبل موعد المؤتمر بأسبوع في حفلة وداع لم يحضرها مدير المستشفى وتولى المدير الطبي مراسم التأبين في رحيل أبدي فإلى الجحيم بإذن الله .
وأما أنا فقد شرفني مدير المستشفى بحضور هذا المؤتمر ضمن هذه النخبة وأن أكون في معيته فذلك أعظم شرف كما أنة جعل علاقتي بالمجموعة علاقة أكثر من رائعة فقد عرفوني أكثر وعرفتهم أكثر وهُم إلى اليوم من أفضل الأصدقاء .
هذه الرحلة لحضور هذا المؤتمر كانت رحلة لن أنساها طوال حياتي وها أنا ذا أحكيها لكم كما حكيتها لأبنائي وزوجتي بعد عودتي لما فيها من أحداث طريفة وعجيبة فالموقف الأول أننا عندما وصلنا إلى المطار كان أحدهم يحمل لوحة تحمل أسمي بالون الأحمر استغربت وأستغرب الجميع وأنا أشرت لحامل اللوحة أن هذا اسمي فقال تفضل سنأخذك إلى مقر الإسكان فقُلت وستأخذني أنا لوحدي وهؤلاء قال هؤلاء عليهم اخذ تاكسي يوصلهم قُلت له هؤلاء أناس مهمين هُناك خطأ فتدخل مدير المستشفى والجميع فا طس من الضحك وأنا منذهل مما يجري فقال أرجوك يا موسى أن تتوسط لنا ليأخذنا معكم فانفجرت بدوري ضاحكاً وقُلت لمدير المستشفى بصراح دبروا أنفسكم أنا أرى كُل واحد يدبر نفسه وعلت الضحكات والسائق ينتظر تفضلي بالطلوع فاقتربت منة وقُلت يا أخي هؤلاء رفاقي ونحن قبائل ولا أستطيع مفارقتهم ويجب أن نذهب مع بعض لأننا أتنا مع بعض وطبعاً أهل الباحة قمة الكرم فتفهم الموضوع وقال تفضلوا جميعاً وعلت ضحكاتنا فقال المدير شوف يا موسى فيه لبس في الموضوع أتمنى أن لا يستمر وأنفجر الجميع في الضحك فقال أنا سأكشف عن شخصيتك فقُلت من سيصدق أقوالكم كُل الإثباتات تدل على أنني المقصود أعتقد أن المؤتمر للتمريض وأنتم ضيوف شرف أما نحن فنحن المعنيين أنفجر الجميع من الضحك وكُل واحد بدأ يخمن الخطأ المهم أننا وصلنا للمستشفى بعد أصبحنا في حالة يرثى لها من فرط ضحكنا وعندما وصلنا استقبلنا أفراد العلاقات العامة وأول ما سألوا جازان قُلنا نعم قال أين استشاري الجودة / موسى قالوا هذا هو قال ما شاء الله لازال صغيراً في السن قُلت له المسألة ليست أعمار يا سيدي لو كان أعمار لكان جدي رئيساً لتشكو سُلوفاكيا وطاح الجميع من الضحك ولم أتمالك نفسي وأنا أكمل فقل المسألة أخطاء وأخطاء مطبعية فقال الرجُل لا بأس مرحباً ألفين تفضلوا أنت رح نأخذك إلى الضيافة الخاصة وهُم سيذهبون إلى الشقق الجماعية والله أيها الزملاء لقد سقط الجميع على الأرض من فرط الضحك حتى سبب لنا ذلك الحرج لم يكُن أحد يعرف سبب الضحك ولم يكشف أحد شخصيتي لهم . وافترقنا والدموع من كثرة الضحك تتساقط المهم أوصلوني إلى المكان المخصص لي والذي كان غاية في الرقي وطبعاً يومها لم تكُن شركة الاتصالات قد خُصصت فلا جوال ولا أسهم .أنهم بعد أن استقروا في موقع إقامتهم قرروا زيارتي فلما وصلوا ظلوا في ذهول من مما أنا فيه من نعيم لا أستحقه فقُلت للجميع أمسكوا الخشب قولوا اللهم لا حسد المهم أنني وبأريحية وبعد أن انتهى الضحك طلبت من مدير المستشفى أن يقيم مكاني فرفض ذلك وقال قسماً بالله إلا أن تستمتع حتى النهاية وأنفجر الجميع من الضحك كان حضورنا مبكراً لليوم السابق ليوم المؤتمر صلينا الظهر ثم أخذنا ضابط من جازان كان صديقاً لزميلنا مدير الخدمات المساندة أخذنا إلى منزلة وأكرمنا غاية الكرم وتعرفون أنتم المفطحات وماذا بعد المفطحات كان مضيفنا مهووساً بالرماية بالبندقية فأخذنا إلى منطقة جبلية وعرة ونصب أهدافاً صعبة المنال وأخذ الجميع يرمي وصوت البندقية يدوي أعادتني تلك الأجواء إلى أيامي الماضية عندما كان أحد عمومتي يدربني على الرماية ولكني كُنتُ أنظر إليهم ورصاصهم يطوح يمينناً ويساراً والبعض يمسك البندقية لأول مرة في حياته وهم ينتظرون مشاركتي فقُلت لهم هذه خسارة وليس فيها متعة لأني لا أجيدها وأخشى أن لا أصيد الجبل فما بالكم في الهدف فقال مُضيفنا ولا يهمك كان الجميع يحاول صيد الهدف بلا جدوى عندها تناولت البندقية وأخذت رصاصة واحدة وهمست في إذن مدير المستشفى وقلت له أرجو أن ارفع رأسكم أمام أهلنا في الباحة فقال هل تجيد الرماية قُلت نوعاً ما لكني محرج منهم فقال أصب الهدف أرجوك فأنتبه الجميع ,اخذوا يوجهونني أمسك جيداً صوب جيداً وما هي إلا ثواني معدودة إلا والهدف في خبر كان أي والله هذا ما حدث أضنها كانت صُدفة طلب الجميع إعادة الكرة مرة على هدف آخر فرفضت ولكنهم أصروا فذهب الهدف الثاني مع الريح بالطلقة الثانية والكُل ينظر في ذهول فلم يطلبوا مني مرة أخرى وإلى يومنا هذا وكُلما التقيتهم يذكرون تلك الرحلة ومفاجأتها لقد كان حضي فيها يفلق الحجر .
لقد عُملت كمسئول كبير وعشت لحظات رائعة لا أعتقد أنها ستتكرر .
ماذا بعد هذه الرحلة التاريخية وهذا المؤتمر إلى أين تأخذني الطريق في الجودة ؟؟؟هل بدأ الحظ يبتسم لي ؟؟هل وهل ؟؟؟
هذا ما ستعرفونه في الحلقة القادمة وإذا في العُمر بقية فللحديث بقة

ليست هناك تعليقات: