الأحد، 25 مايو 2008

الحلقة ( التاسعة )

ذكرت في الحلقة السابقة البدايات الأولى لي في رحلة عملي بقسم الجودة النوعية التي كانت تلك الرحلة بدايتها وإنصافاً للأسماء التي كانت معي في تلك الرحلة سأعرج على ذكرهم فقد كانوا أربعة أولهم مدير المستشفى الأستاذ/ محمد منصور الذي شغل منصب مديراً لمستشفى الملك فهد لأكثر من خمس سنوات كانت في زمن الدكتور / عبد الرحيم عقيل الرجل الأسطورة الذي رحل عن الحياة الدنيا دون أن يأخذ حقه من التكريم الذي يليق برجل مثله فإلى جنة الخُلد بإذن الله ولكني أقولها بألم أن الجميع قصرَ في حقه تقصيراً بالغاً وكان من الإنصاف أن يعبر المنصفين عن امتنانهم لما قدمه من أعمال جليلة في مجال الخدمات الصحية بالمنطقة وما أكثر الشواهد على ذلك الرجُل رحل بعد إن أكتشف أن الكثير ممن كانوا حوله كانوا مجرد ثُلة من المنتفعين اللذين كانوا يظهرون الإخلاص والتفاني من أجل أن تبقى مصالحهم الشخصية وسرعان ما انفضوا من حوله ولم يكتفوا بنقل خدمات ولائهم وتزلفهم لخلفه بل أنهم لمزيد من إثبات الولاء والإخلاص لخلفه هجروا الرجل إلى الأبد مشهد يتكرر في تعاقب الأيام وتبادل المواقع أعجب لهذا النوع من البشر كيف يجيد تمثيل هذه الأدوار في تراجيديا المشهد. قمت بزيارة للدكتور عبد الرحيم عقيل رحمة الله في آخر أيامه فوجدته وحيداً في مزرعته وتبادلنا الحديث كان يهزأ من هذه الدنيا وأحوالها بعد أن طلبت منة أن يسمح لي ويساعدني في كتابة سيرته الذاتية خاصة العشرون سنة ونيف التي قضاها مديراً عاماً للشئون الصحية رد علي وكأنة يهزأ من حال الدنيا التي في مجملها طالت أو قصرت فهي مجرد مشهد زائف لا يستحق العناء والمكابدة .
قال لي يا موسى يكفيني أنك فكرت في فعل ذلك خذ مني هذا التوقيع على هذه الورقة لعلها تكفي لأعبر لك عن امتناني وفرحتي بك وبأمثالك تناول الورقة التي أختار أن يكون لونها ( صفراء )وكتب عليها (( هذه الدنيا لا نشعر بفصول سنينها المورقة إلا عندما نسقط فيها كورقة خريف صفراء تحملها الريح بسهولة إلى حيث لا تدري بمستقرها الدنيا جميلة عندما نكون في أوج اخضرارنا المؤقت ودون أن نشعر تسقطنا الدنيا من حساباتها بمرارة ونصبح مجرد ورقة صفراء أنني أعترف أنني كُنت على خطأ عندما صدقت ابتسامة الشمس الصفراء ولكن الدنيا بخير طالما أن هُناك من فكر بإيجابية تجاه ما قدمته خلال عشرون اخضرارا الآن فقط يا موسى بإمكاني أن أرى كل شيء بوضوح بعد أن غادر المشهد من كُنت أصدق ابتساماتهم الصفراء ما أجمل الدنيا بدونهم كم هي فاتنة هذه الحياة عندما تتبرج بسقوط كل الأقنعة المزيفة فيها شُكراً لزيفهم الذي علمني روعة الحقيقة شُكراً لكذبهم وتزلفهم الذي علمني قيمة الصدق والإخلاص. عندما يرحل ضجيج الزيف من حولك تهديك الوحدة زيارة مخلصة غير متوقعة لشخص حرمك الضجيج تبين ملامح المروءة فيه يأتيك في صمت ليحيي فيك الثقة في أن الدنيا أنها لا زالت بخير شُكراً يا موسى وهذه الورقة الصفراء لك دون غيرك كونك لم تكن مشاركاً في مشهد الزيف التوقيع محبكم/ د:عبد الرحيم عقيلا لذي لم يعُد وحيداً بعد اليوم ))) رحمك الله يا دكتور / عبد الرحيم رحمة واسعة وورقتك الصفراء ستبقى إحدى أهم مقتنياتي وسأظل أحلم أن يوفقني الله في الكتابة عن سيرتك العطرة وكم أتمنى أن يقوم أحد أبنائك بالقيام بهذه المهمة التي هي أقل ما يمكن تقديمه وفاء وعرفانناً لعطاء لا يجهل معالمه سوى حاقد أو جاهل. أعود للحديث عن الأستاذ/ محمد منصور الذي أدار المستشفى بكُل اقتدار لخمس سنوات ثم أنتقل للعمل عميداً للكلية الصحية التي تدمرت بعد رحيله ثم مديراً لمستشفى جازان العام وهو الوحيد الذي أعاد إلى جسد
المستشفى المعاق روح الحياة ولكون الرجل شخصية إدارية تكاد تكون متفردة وناجحة بكل مقاييس النجاح كونه ومنذ أن عرفته على وفاق مع ضميره فقد حورب من أعداء النجاح والتميز وأعجب لهذا المجتمع العدائي الذي لا يتورع عن محاربة أبناءة الناجحين واليوم هو في موقع غاية في الحساسية والأهمية وهو إدارة التشغيل الذاتي وقد التقيته قبل أيام في مكتبي الجديد في إدارة التخطيط والتطوير وتجاذبنا أطراف الحديث حول الهموم المشتركة وقد أهداني الكثير من النصائح والاقتراحات لعملي الجديد ولكن مشاعر الإحباط طغت على لُغتنا المشتركة وللتاريخ أقول أنني أؤمن بنجاحه في منصبة الجديد فبإمكان أمثالة وهم قلة التغلب على كُل الصعوبات إذ مُنح الفرصة الكافية لفعل ذلك أما الشخصية الثانية التي رافقتنا الرحلة فهو الأستاذ/ عبد الملك قاسم والذي كان يشغل منصب مساعد مدير المستشفى لشئون المرضى والذي غادرنا قبل سنوات للعمل في مكة المكرمة والذي أبكى رحيله الجميع بعد أن شغل هذا المنصب لأكثر من 25 سنة أهلته فيها مقوماته الإنسانية الفريدة أن يبقى صديقاً للجميع فهو الوحيد ممن عرفت في حياتي يتفق الجميع على محبتهم له واحترامهم وتقديرهم لشخصيته ظل يساعد المرضى حتى من جيبه الخاص جعل من منصبة طريقة للتقرب إلى الله فأحبة الله فحبب فيه خلقة أقسم بالله أن من أعجب ما رأيت أنة وفي يوم حفل التوديع كان يعمل على تخليص إجرآت المرضى لأخر لحظة يتواجد فيها لم يشغله ذلك الحفل عن القيام بواجبة لآخر لحظة تجاه مرضاة ولأول مرة يحضر المرضى والمرافقين حفل أحد الموظفين حتى أن أحدهم ألقى قصيدة ارتجالية بالمناسبة عبر فيها عن مشاعر الفقد لأحد أعمدة المستشفى و والله لقد بكى الجميع في القاعة هذا هو النجاح الحقيقي الوحيد الذي شهدته طوال حياتي العملية لشخصية إدارية من الصعب نسيانها أو تكرارها بسهولة فسلام علية أينما كان أما الشخصية الثالثة فقد كان الأستاذ/حسن الحازمي والذي كان شاباً متخرجاً للتو من معهد الإدارة كان شعلة من نشاط كان كتلة من الطموح تملأ جسده النحيل الذي يتبوأه عقل ناضج لا يعرف المستحيل كان حينها يشغل منصب مساعد لمدير المستشفى للخدمات الإدارية أظهر حنكة إدارية رغم حداثة سنة طموحة كان أكبر من أن يبقى على ملاك وزارة الصحة التي تجيد بقاء أبناءها على مراتبهم دون تطور وظيفي فنقل خدماته إلى ملاك الإمارة ليجد ما يبحث عنة من تطور وترقي كان رحيله بعد رحيل مدير المستشفى بفترة بسيطة لم يكن رحيله قادراً على إنهاء علاقته الحميمة لأصدقائه حسن الحازمي ظل صديقاً وفياً لكُل من عرفهم وأنا منهم وهو شرف لأمثالي أن يبقى صديقاً مقرباً إلى قلبي إلى الأبد بإذن الله. الشخصية الرابعة كان الدكتور عبد الله مهدي الذي كان تحفة الرفقة بروحة المرحة وكفشاتة النادرة ومواقفه وتعليقاته الطريفة هو بدورة رحل لإكمال دراسة طب الأسنان ولم أعد أعرف عن أخباره شيء منذُ رحل أتمنى أن يكون في أحسن حال.
هذه كانت أول رحلة لممرض بسيط أستطاع أن يصنع صداقة راسخة مع شخصيات من الوزن الثقيل ثقافة وعلم ومعرفة وتميز واليوم وبكُل فخر واعتزاز تربطني علاقة وثيقة مع أسماء قد لا يصدقني أحد لو كشفت عنها وقُلت أنها تستعين ببعض آرائي وأفكاري المتواضعة حول بعض المواضيع الإدارية الشديدة الحساسية وهي مصدر رئيسي يعزز الثقة في نفسي وهي نفس السبب الذي يجعلني في مرمى سهام الآخرين حسداً من عند أنفسهم كونهم عجزوا عن تطوير أنفسهم وكُل ما يستطيعون فعلة هو اتهام الآخرين بالغرور والتعالي والعنجهية وهو دليل فشلهم الذر يع في كسب ثقة الآخرين الذين عجزوا عن مجاراة ثقافتهم وتميزهم والسلسلة وما سأكتبه مستقبلاً كفيل بكشف كُل ما يحيط بهذه الجزئية المهمة من مقومات العلاقات الإنسانية التي تحكم الآخرين بغض النظر عن التحصيل العلمي أو حجم المنصب الذي يشغله الآخر إذن وماذا بعد ؟؟ ماذا عن الجودة ما هي الدورة الأولى التي التحقت بها في الجودة ؟؟ أين كان مقرها ؟؟ ولماذا لديهم جودة ونحن لا ؟؟ لماذا لا نكون نحن من ندرب الآخرين على مضامين الجودة ؟؟ لماذا نتخلف عن الآخرين مسافات ضوئية ؟؟ هل هُناك عيوب في جينات المواطن
الجازاني؟؟ هذا ما سنعرفه
في الحلقة القادمة وإذا في العمر بقية فللحديث بقية!!!!

ليست هناك تعليقات: